حوارات وتحقيقات

ليلة عيد الميلاد مع اللاجئين المقيمين في مخيم " الغابة"

فرنسا / طه رشيد 

 

بمبادرة من المنتجة والمخرجة السينمائية سلام جواد وزميلها الممثل والموسيقي الفرنسي مارك روشمان قررت مجموعة من الفنانين الفرنسيين، بصحبة فنانين من دول مختلفة، قضاء ليلة عيد الميلاد مع اللاجئين المقيمين في مخيم ” الغابة” بمدينة با دو كالي pas de calais  في شمال فرنسا. المخيم بناه اللاجئون قبل سنوات وتعرض للتهديم أثناء حكومة ساركوزي ثم أعاد بناءه اللاجئون الجدد . يقدر عدد اللاجئين من مختلف الجنسيات بحدود ثمانية آلاف لاجئ. بينهم بضع مئات من العراق والاكثرية من افغانستان والبقية من إيران وباكستان والهند والصومال والسودان ومعظمهم شباب ومراهقون لم يحصلوا على مستوى مرموق من التعليم . المخيم يقع في مدينة ( با دو كالي) في منطقة منعزلة ولذلك سمي بمخيم الغابة الموحشة . وهو موحش فعلا بفقدانه للكهرباء وقلة الماء الصالح للشرب. والشوارع موحلة وغير معبدة. في مدخل المخيم بعض دكاكين أقامها اللاجئون لبيع الحاجات الأساسية. كما نلاحظ هناك مجموعة من المطاعم الشعبية لبلدان مختلفة. التقينا ببعضهم وصرح لنا أحمد فيصل من أفغانستان ( عشر سنوات) قائلا ؛ غادرت أفغانستان بصحبة ابي وأخي الأصغر واستغرقت رحلتنا ما يقارب الثلاثة أشهر استعملنا فيها كل وسائل النقل من سيارة وقطار وزورق وسير على الأقدام. أما عبد الكريم من الموصل فلم تكن رحلته أقل صعوبة من الآخرين. قال بانه خسر كل شيء بمدينته الموصل بعد دخول داعش لها ولم يكن امامه سوى الهروب وهو ينتظر اللحظة المناسبة للعبور الى لندن! ويقاسمه نفس الرغبة رفيقاه من نفس المدينة احدهما تركماني والاخر كردي. . حضر الثلاثة حفلة راس السنة وكانوا مسرورين للاغاني العراقية التي استمعوا اليها في الامسية. وحين ابدينا استغرابنا لعدم حضور عدد كبير من العراقيين، اشار عبد الكريم إلى أن الغالبية العظمى من سكنة المخيم قد ذهبت إلى مركز المدينة للتمتع بالاحتفال برأس السنة فيها والبعض الآخر يتحين الفرصة للعبور إلى بريطانيا لأن الشرطة مشغولة بالاحتفالات! العبور إلى بريطانيا تتحكم به مافيا تهريب البشر وكلفة العبور باهظة ولا بد من دفعها لمن أراد العبور. رحلة عبد الرحمن من الصومال كانت الاصعب اذ استغرق وصوله للمخيم اكثر من عام ونصف وقد بقي محاصرا في ليبيا لمدة عام تقريبا. قامت احدى المنظمات الإنسانية في بريطانيا ببناء خيمة كبيرة لتكون قاعة للاحتفالات أو ورشة للتعليم وساهمت مجموعة من هذه المنظمة بتنظيم حفلة ليلة رأس السنة.. الناشط البريطاني “جو” عضو تلك المنظمة استطاع أن يكسب العديد من الشباب وكان يقدم بعض الفقرات بمساعدة جنيد وعمر وهما يجيدان الإنكليزية والعربية وقد قدما من بيروت، ويعملون في فرقة مسرح الزقاق اللبنانية، لإقامة ورشة فنية مسرحية داخل المخيم واستطاعا أن يستقطبا من يتمتع بموهبة غنائية ومسرحية .. ابتدأت السهرة بكلمات لممثلي بعض البلدان وتم الاحتفال بلحظة العبور إلى السنة الجديدة حسب التوقيت المحلي لكل بلد، لذلك تكرر انطلاق التصفيق والزغاريد ثلاث مرات احتفالا بالعام الجديد! وتخلل الحفل اغانٍ لشباب المخيم من أفغانستان وإيران والسودان وكوردستان – العراق. الوفد الفرنسي الذي أكمل الاحتفال في تلك الليلة جلب معه أجهزة صوتية لحفل اوركسترالي. كان بمقدمة الوفد المخرج الفرنسي اوليفيا لوستو olivier loustau ( يعرض هذه الأيام في الصالات الباريسية فلم من بطولته وإخراجه “بنت رب العمل” la fille de patron )، والمصور الفوتغرافي نيكولا ماسكوفسكي والناشطة الشابة جينيفر وهي من اصل كوري – استرالي أستاذة لغة انجليزية في المدارس الباريسية، والفنانان في تقنيات الصوت تيتو وبنوا ايري والكاتب الصحفي فيليب روشمان والكاتبة والممثلة لينا لامارا والشابة شمس جواد. الفرقة الموسيقية تشكلت من الملحن وعازف الاوكرديون فيكسي ( قام بوضع الموسيقى التصويرية لفيلم بنت رب العمل ) وعازف الجاز مارك روشمان وعازف الفلوت والناي كريس هيوارد (وهو فرنسي من اصل امريكي ) . وكانت مفاجأة السهرة حضور المغني العالمي من جامايكا Winston Mac nuff ، وقد أبدعت الفرقة مع المغني بتقديم أجمل المقطوعات الموسيقية الغنائية التي رقص عليها الحضور..كان وينستن متألقا واستطاع أن يحول برودة الجو القارس إلى دفء إنساني رائع. بعد ذلك قدمت الفنانة والناشطة المدنية (خالدة سالم) مجموعة من الأغاني العراقية استحسنها الحضور ، واستمر بعد ذلك الرقص على إيقاع الاغاني الأفغانية حتى منتصف الليل بحضور أبناء المخيم وبعض من الفرنسيين من مدينة با دو كالي.

قد يهمك أيضاً