حسين فوزي
في حرصنا على متابعة «مؤسسات» العدالة الانتقالية، لضمان حقوق الشعب، من خلال انصاف المواطنين الذين تعرضوا لمظالم النظام الشمولي، واستكمال كل المستلزمات القانونية لاسترجاع حقوقهم ورعايتهم، وفي الوقت نفسه مقاضاة الادوات القمعية للنظام المخلوع، وطي صفحة مأساوية من تاريخ العراق المدمى بجراح كبيرة، توجهنا إلى رئيس مؤسسة السجناء السياسيين د. حسين السلطاني، كونه اول رئيس متفرغ لهذه المؤسسة. وكان الحديث التالي:
غياب الرأس والملاك المؤهل
* انتم ابن مؤسسة السجناء منذ التأسيس فما المصاعب التي تعانيها في رعاية ضحايا الحكم الشمولي الدموي؟
– واجهت المؤسسة في المرحلة السابقة مشاكل متعددة، من أهمها:
1-عدم وجود رئيس متفرغ لإدارة المؤسسة: هذه المشكلة أحدثت خللا كبيرا في أداء المؤسسة، سواء على مستوى التخطيط أو التنفيذ، فعلى مستوى التخطيط ، الذي هو من الوظائف الرئيسة للمسؤول الأعلى، عاشت المؤسسة إرباكا كبيرا، ولم تخضع المؤسسة طيلة الفترة الماضية إلى خطة عمل واضحة، بل كان العمل عموما ارتجاليا، وربما عشوائيا، وما يدل على ذلك إن قانون المؤسسة كان يسمح لها بإنشاء الشركات والمشاريع الاستثمارية من اجل تحقيق مشروع التمويل الذاتي، لكن مما يؤسف له لم تستثمر الفترة السابقة، مع أن المؤسسة مرت بمرحلة ذهبية على هذا الصعيد، حتى ان المؤسسة لا تمتلك حاليا مشروعا واحدا في هذا المجال، او على مستوى التنفيذ، مما اثر على أدائها، وساهم بشكل أو آخر في اهتزاز ثقة الناس بها.
2- عدم وجود الكادر الكافي للقيام بمهام المؤسسة: كما تعلمون ان قانون المؤسسة رقم (4) لعام 2006 اشترط في احدى مواده أن يكون موظفو المؤسسة من السجناء والمعتقلين حصرا، ثم عدلت هذه المادة في التعديل الأول للقانون (35) لعام 2013، فأضيف إليها ذوو السجناء من الدرجة الأولى. ولاشك إن المشرع كان يروم بهذا الشرط تقديم خدمة للسجناء في التوظيف، حتى لا يزاحمهم، لكن في الواقع فإن هذا الشرط اضر بالمؤسسة وحرمها من استقطاب طاقات متخصصة كانت المؤسسة ولا تزال بأمس الحاجة لها، الأمر الذي انعكس سلبا على أداء المؤسسة ونسبة انجازها لمهامها وتحقيق أهدافها.
المتابعة الألكترونية وتحسين اداء اللجان الخاصة
* كيف تعالجون المتراكم من المشاكل والتلكؤ؟
– ان الخطة الموضوعة لمعالجة التراكمات التي تعيشها المؤسسة تتمثل بـ:
1. تحسين أداء المؤسسة الإداري، ويمكن تحقيق ذلك من خلال اتخاذ الخطوات الآتية:
أ-تحويل جميع المخاطبات الإدارية من مخاطبات ورقية إلى مخاطبات الكترونية سواء على صعيد الأرشفة او الموارد البشرية او الحسابات او عمل المديريات واللجان.
ب- إيجاد المقرات المناسبة وتهيئة مستلزماتها، ولو الحد الأدنى، سواء للمركز أم الفروع.
ت- استقطاب الطاقات المتخصصة والأمنية وزجها في العمل، سواء من السجناء او من غيرهم وذلك من خلال خيار التنسيب.
ث-إجراء تقييم عام لموظفي المؤسسة، وتأهيل الطاقات الكفوءة والنزيهة للتصدي لمفاصل العمل فيها.
ج- اعتماد مبدأ الثواب والعقاب في إدارة المؤسسة، حتى لا يشعر المحسن بالغبن، والمسيء بالأمان.
1- إعادة النظر في عمل اللجان الخاصة، وتحسين أدائها، وزيادة نتاجها، من خلال اقتصار إجراءاتها على الأعمال الضرورية دون الكمالية أولا، والتنسيق مع الجهات والمؤسسات التي تسهل وتسرع وتيرة عملها ثانيا، وزيادة عدد اللجان، قدر المستطاع، ثالثا.
2- دمج عمل المديريات واللجان بإدارة موحدة، ولكل منها وظائف محددة لا تتداخل مع وظائف الأخرى.
الفترة المحددة لعملنا غير كافية
* كان مفترضا أن تكون أعمال المؤسسة انتقالية في بحر عشر سنوات هل تعتقدون بإمكانية استكمال المهام الأساسية للمؤسسة في وقت قريب والتفرغ لشؤون الرعاية وليس لتشخيص السجناء والمعتقلين ومنحهم القرارات اللازمة لتصنيفهم؟
– الواقع يؤكد ان المرحلة الانتقالية غير كافية لاستكمال المؤسسة لمهامها، لأننا في عام 2016 تكون المؤسسة قد استكملت عشر سنوات من عمرها، ومع ذلك لا يزال 50% من المتقدمين لم تحسم ملفاتهم ولا يزال 70% لم يحصلوا على وحدات سكنية، وهكذا الحقوق الأخرى.
* هناك حالات تتعلق بسجناء وشهداء لم تكن فيها وثائق او أتلفت كليا ولم تبق سوى مؤشرات وقلة من الشهود، وأحيانا بلا شهود كيف تنظرون لمثل هذه الحالات الاستثنائية؟
– كل من تضرر من العراقيين في فترة الحكم البعثي بسبب السجن او الاعتقال او الاحتجاز، فهو مشمول بقانون المؤسسة، وقد حدد القانون آليات إثبات هذا الحق تبدأ بالأدلة التحررية الرسمية، وتنتهي بالاعتماد على القرائن والشهود، وإجراءات المؤسسة في هذه المرحلة، تهدف إلى تذليل العقبات التي تحول دون شمول المستحق بالقانون أولا، واستنفاذ كل الوسائل التي من شأنها ان تؤدي الى حصول المستحق على حقه ثانيا.
الأزمة الاقتصادية لن تحرم السجناء من حقوقهم
* إلى أي مدى تتقبلون انعكاس أزمة موارد البلاد على حقوق السجناء ورعايتهم؟
– إن البلد، يعيش أزمة اقتصادية حادة، ولاشك أنها تنعكس سلبا على جميع الوزارات والمؤسسات، ومنها مؤسسة السجناء، لكني اعتقد ان هذه الأزمة لن توثر على استحصال المشمولين بقانون المؤسسة لحقوقهم التقاعدية، وبعض الحقوق الضرورية الأخرى كالرعاية الصحية مثلا.
* هل هناك بحكم خبرتكم المتراكمة أفكار معينة لتوفير رعاية مناسبة لجموع السجناء والمعتقلين والتخفيف من المعاناة المريرة التي عاشوها؟
– هناك خمس أوليات تسعى المؤسسة إلى تحقيقها، قدر المستطاع، تتمثل الأولى بتحسين الأداء الإداري لها، بحيث تكون مؤسسة السجناء نموذجا طيبا في مراعاة حقوق المشمولين بقانونها، وحفظ كرامتهم، وتحقيق القدر المقبول من العدل والإنصاف في أوساطهم، وهناك أفكار طيبة، وجهود حثيثة على هذا الصعيد، سنعلن عنها عند استحصال الموافقات الرسمية لها. اما الاولوية الرابعة، فمنصبة على لم شمل السجناء، على تباين توجهاتهم الفكرية والسياسية، وتوحيد مواقفهم تجاه أهدافهم ومسؤولياتهم التي ضحوا من اجلها، وقدموا زهرة شبابهم في سبيلها. اما الأولوية الخامسة فترتبط بالملف الصحي لأعزائنا السجناء والمعتقلين ومحتجزي رفحاء، وتقديم ما يمكن تقديمه لهؤلاء الإخوة على هذا الصعيد.
نحرص على توفير أراضٍ وبناء مجمعات للسجناء
* مشكلة السكن كبيرة وخاصة في بغداد، فهل لديكم حلول او مقترحات تقدم للحكومة؟
– هناك جهدان تبذلهما المؤسسة في هذا الشأن، يتمثل الاول بالتنسيق مع السادة المحافظين في المحافظات، ومع وزارة الإسكان والتعمير في بغداد، من اجل تخصيص قطع سكنية للمشمولين بقانون المؤسسة، اما الثاني فهو خيار الاستثمار، لبناء المجمعات السكنية على الاراضي المخصصة للمؤسسة،
وثمة جهد ثالث سنعلن عن مضمونه قريبا بعد استحصال الموافقات الرسمية بشأنه.
واخيراً ارجو ان تتسع صفحات وسيلتكم الإعلامية الخيرة لأن أقدم جزيل شكري وتقديري لعموم أعزائي المشمولين بقانون المؤسسة من ضحايا البطش الدكتاتوري، كذلك لإخوتي موظفي المؤسسة لما يبدونه من حرص واحترام لمن وجدت المؤسسة لخدمتهم، وما يبدونه من تكاتف ومحبة في العمل. وفي الوقت نفسه انتهز فرصة الحديث من منبركم لادعوهم الى مضاعفة الجهود للارتقاء بعمل المؤسسة إلى ما يتناسب مع سمعة السجناء ومواقفهم وتاريخهم المشرف.