حوارات وتحقيقات

المحسوبيات وليس الحالة الصحية.. هي معيار الاختيار للعلاج الحكومي خارج العراق

تحقيق: محمد جاسم الشمري

 

ام كريم تنتظر منذ عام ونصف ان يتم ارسال حفيدها للعلاج على نفقة الدولة الى الخارج حيث اصيب بحالة مرضية جلدية مستعصية تطلب ارساله الى بريطانيا للعلاج وبعد استكمال كافة الاجراءات واللجان الطبية ظلت حالته متوقفة في حين الاخرين يرسلون على الفور للعلاج ولأسباب تبدو كحالة اقل من حالة حفيدها المرضية.

حالات محددة ولجان مقيدة :

تقول الدكتورة ريهام عبد الرزاق: ان الاجراءات المتخذة لتقييم الحالات تبدو كثيرة ومعطلة، ذاك ان الحالات المرضية المعروضة على اللجان غالبيتها مستعصية ومعقدة وان اللجان الطبية المختصة بارسال المرضى تأخذ وقتا طويلا، وفي اغلب الحالات لاتكون بمصلحة تأخير الحالة المرضية، ومن المفترض زيادة الدعم المالي وزيادة عدد اللجان التي تخول بارسال الحالات المرضية الى الخارج، لتمكين اكبر عدد من هذه الحالات بالعلاج في الخارج، حيث تتوفر مستلزمات العلاج بصورة اكثر تقنية. وتعد الدكتورة ريهام ان اللجنة الحالية مقيدة وغير فعالة وهناك الاف الحالات المستعصية عسكرية ومدنية تتطلب ارسالا سريعا للعلاج قبل فوات الاوان.

 من ناحيتها ترى الطبيبة علا رياض انه يجب ان لا نغفل النظر عما تقوم به وزارة الصحة من تكفل بعلاج بعض الحالات بعد احالتها الى اللجان الطبية المتخصصة لكل ما تقدمه الوزارة في الارسال للعلاج في الخارج للمرضى الذين يعانون من تشوهات خلقية واورام سرطانية او الذين يحتاجون جراحة في القلب والدماغ والعمود الفقري، وسيكون بإمكان كل مريض اصطحاب مرافق واحد فقط .

 

ضحايا الارهاب اولى بالعلاج:

محطتنا التالية كانت مع المواطن علي الساري الذي اكد انه يعاني من انعدام الرؤيا بسب دخول شظايا من جراء عمل ارهابي في عام 2010  وحتى اليوم وهو بانتظار ارساله الى الخارج بسبب كثرة المتقدمين للعلاج جراء حالات ملاضية وعوق مماثل لحالتي، ويضيف: بعد معاناة طويلة من العمليات والتحاليل والاشعة وصلت الى اللجان المتخصصة بارسال الحالات المستعصية للخارج الا اني لم اجد من ينصفني بعد ان رفضت اللجنة ادراج حالتي لوجود حالات اكثر حاجة مني، مؤكدا: انني اعاني وأريد من الدولة مساعدتي وانصافي .

السيد سامر قاسم يعاني من مرض في عينه وانه لا يقوى ويحتاج الى علاج دقيق وانه لايعرف الى اين يتجه وان بعض الاطباء نصحوه بالعلاج خارج العراق لكنه لا يمتلك المال لاجراء العملية فضلا عن وجود معوقات كثيرة وكبيرة تواجهه عند مراجعة المؤسسات المعنية ويتمنى من الجهات المسؤولة في وزارة الصحة وغيرها الالتفات الى حالته وحالة غيره من المرضى الذين يعانون والعمل على معالجتهم داخل وخارج البلاد من خلال دعمهم ماليا ومعنويا بهذا الشأن محدود ويقتصر على حالات مرضية معينة ونحن نعلم جميعا ان الحالات المرضية المستعصية الى العلاج داخل العراق كثيره جدا وهي ناجمة عن ظروف الحروب التي مر بها العراق وما خلفته من تلوث بيئي وفقر صحي فضلا عن استمرار الاصابات المرضية كحالات التشوه والعوق من جراء الانفجارات .

 

تخصيصات صحية:

وزارة الصحة اعلنت في وقت سابق ان الوزارة خصصت مبلغ 35 مليون دولار لتغطية تكاليف البرامج التي تشمل الخدمات الطبية ونفقات السفر للمواطنين التي تمت الموافقة على طلباتهم. الدكتور رمزي رسول مدير عام قسم الصحة الدولية يقول: هذا المبلغ كاف لتولي علاج جميع المواطنين من ذوي الدخل المحدود والفقراء الذين لا قدرة لهم على تحمل نفقات العلاج، وقد قامت الوزارة بالاتفاق بشكل مبدئي مع مستشفيات في الهند وتركيا ولبنان على استقبال المرضى العراقيين وتقديم العلاج اللازم لهم على نفقة الحكومة العراقية وعلى المتقدمين استصحاب نسخ رقمية وورقية من التقارير الطبية التي حصلوا عليها عند مراجعة المستشفيات العراقية ويجب على المتقدمين ايضا تقديم وثائق تثبت محل اقامة المريض ووضعه المادي وستعتمد وزارة الصحة الى عرض المرضى المتقدمين للعلاج على لجان طبية متخصصة ستحدد ما اذا كانت حالة المريض تستوجب العلاج في الخارج بعد الاطلاع على التقارير الطبية الخاصة بكل حالة وستكون الاولوية.

 

هناك شيء مفقود

المواطنة ام محمد تقول: ان ولدها اصيب في الانفجار الذي وقع في بابل عام 2009 وتعرضت احدى رئتيه لضرر كبير يتطلب علاجا في الخارج ومازلت اراجع اطباء ويوصون بعلاجه خارج البلاد ولكني لا املك المال الكافي لذلك ،فالعملية وتكاليف العلاج في تركيا تصل الى نحو اربعين الف دولار وهو مبلغ ضخم لا استطيع توفيره وينبغي علاجه على نفقة الدولة واللجان ترسل اناسا لحالات غير معقدة لوجود محسوبيات وعلاقات خاصة ولا احد يعيرنا اهتماما ومللنا من الوعود التي تقطعها لنا اللجان الطبية.

 

كلمة اخيرة

 الحالات المرضية التي يعاني منها الاف المواطنين جراء الحروب والارهاب ومن تبعاتها، ينبغي وضع حد لها من قبل الدولة وبالاخص وزارة الصحة وتخصيص مبالغ مالية، فالناس ضحوا بأجسادهم الا ينبغي ابعاد المحسوبيات ولو بالجانب الطبي. انها دعوة للحكومة ومن يهتم بقضايا الناس الذين ابتلوا بهذه الاصابات الارهابية.

قد يهمك أيضاً