حوارات وتحقيقات

الماء والخضراء والوجه الحسن.. وسط تهاون أمانة بغداد.. الساحات الخضراء تتحول الى مقاهٍ للأركيلة والضحايا هم الوجه الحسن

 

 

  مليارات الدنانير أنفقت لإيجاد متنفس لسكان العاصمة بغداد الذين ضاقت بهم فسحة التمتع بحياة طبيعية كما سكان كل العواصم الأخرى، بعد ان اجتاح مدينتهم الإرهاب. وبسبب قلة مساحة بيوت معظم البغداديين التي قسمت الى وحدات سكنية صغيرة، اضطرت امانة بغداد الى توسيع المتنزهات والمشاتل في شوارع العاصمة بغداد من اجل زيادة الرقعة الزراعية وفي نفس الوقت، تكون مكانا لتكاثر الازهار والنباتات، وتكوين حزام اخضر للحد من موجات العواصف الترابية التي تضرب بغداد بين الحين والآخر في فصل الصيف، وقد عمدت امانة بغداد على تأجير تلك المشاتل الى المواطنين المتخصصين في مجال الزراعة من اجل تنميتها وزراعتها بالشكل الجيد، إلا ان ما حدث عكس ذلك فقد عمد بعض المستأجرين لتلك المشاتل على تحويلها الى مقاه للأكيلة ومطاعم ومجمعات تجارية، وإقامة صالات للألعاب الالكترونية داخلها وبذلك تغيرت طبيعة تلك المشاتل بشكل ملحوظ، بعيدا عن رقابة امانة بغداد. تابعنا هذا الملف وأعددنا التحقيق الآتي:

 

لا تخضع للرقابة الأمنية

 

جولتنا الاولى في شارع فلسطين حيث التقينا المواطن عامر الساعدي الذي اكد قائلا: ان تحويل بعض المشاتل التي تنتشر في شارع فلسطين الى مقاه، هي مخالفة قانونية بحد ذاتها فالمشاتل وجدت لغرض زيادة المساحة الخضراء في العاصمة وفق عقود استئجار من امانة بغداد لهذا الغرض، إلا ان بعض اصحاب النفوس الضعيفة حول تلك المشاتل الى مقاه للاركيلة وصالات للألعاب الالكترونية، مما ادى الى استقطاب اعداد كبيرة من الشباب لتلك المقاهي، وتابع: ان تلك المقاهي لا تخضع للرقابة الامنية ولا مفارز امانة بغداد حتى يتم مسائلتهم عما يجري داخل تلك المقاهي. اما المواطن ماهر فريق يقول: ان المقاهي التي انتشرت في منطقة الغدير هي عبارة عن مشاتل تابعة لأمانة بغداد، والمستأجر لم يقم بزراعتها بل حولها الى مقاه ومحال تجارية من اجل تحقيق الربح السريع، وهو امر لايمكن السكوت عليه لانها تستقطب مجاميع من اللشباب من خارج مناطقنا ولا نعلم ما هي نواياهم، وهي حالة خطيرة في ظل الاوضاع الامنية الصعبة التي يمر بها البلد، لذا يجب ان تفسخ عقود المستأجرين من قبل امانة بغداد لانها استغلت لغير الهدف المتفق عليه.

متنفس للعائلة

 

وفي منطقة زيونة انتشرت الحدائق العامة التي قامت بزراعتها امانة بغداد، مما شجع العوائل ان تنتشر بين ارجاء الحديقة بينما يلهو اطفالها في ملاعب نصبت في احد اركان الحديقة. وتؤكد “ام علي”: ان عائلتها تلجأ الى هذه الحديقة في عصيرة بعض الايام، خاصة عندما يكون التيار الكهربائي مقطوعا، وتوضح هذه الحديقة هي واحدة من ثلاث حدائق احداها انشئت حديثا واثنتان جرى اعادتهما لتكون متنفسا لسكان المنطقة، وصارت هذه الحدائق بما تحويه من العاب ملجأ للأطفال والمناطق القريبة منها الا ان هناك ظاهرة وهي تحويل تلك الحديقة بالإجبار الى مقهى لشرب الاركيلة، مما اثر على العوائل حيث بدأ بارتيادها الشباب من كل مكان، وبالتالي ادى الى هجرة العوائل لتلك الحديقة، ولا نعلم اين دور امانة بغداد في الحد من هذه الظاهرة. من جانبه يقول عضو اللجنة الامنية في مجلس محافظة بغداد سعد المطلبي: يجب ان تقدم شكوى من الأهالي الى مراكز الشرطة في المناطق التي توجد فيها تجاوزات ومن ثم ترفع الى عمليات بغداد ومن ثم الى اللجنة الوزارية المختصة بهذا الموضوع، وبالتالي فإذا كانت هناك رؤية بعدم قانونية هذه الاماكن من قبل الاهالي فيجب تقديم شكوى حتى تتحرك الجهات المعنية. وأضاف المطلبي: نحن كلجنة أمنية لا نستطيع التحرك دون شكوى رسمية لأن هذا سيعرضنا الى مختلف الاتهامات وأولها الابتزاز.يذكر ان ظاهرة تدخين الاركيلة انتشرت في السنوات الأخيرة في عموم مناطق العراق التي جذبت الشباب والمراهقين بعد ان كانت محصورة التداول والتناول بين كبار السن، ما دفع الكثير من أصحاب المقاهي الشعبية بتقديمها بأنواع مختلفة، في حين وصفها عدد من الشباب بأنها وسيلة للترويح عن النفس، عدّها آخرون ظاهرة انتشرت نتيجة تفاقم البطالة.

 

انذار أصحاب تلك المقاهي

 

المحامي زهير غريب يقول: ان أكثر المشاتل تحولت اليوم الى مقاهي الاركيلة وتضم تجمعات للشباب لغرض تناول الاركيلة، والمخاوف هو من وجود بعض ضعاف النفوس من اجل استغلال الشباب وخاصة العاطلين عن العمل. لذا يجب ان تكون هناك رقابة امنية للحد من هذه الظاهرة، وعلى امانة بغداد ان تقوم بفسخ العقود او انذار اصحاب تلك المقاهي لانهم تجاوزوا على صفة المشاتل وحولوها الى غير ما اتفق عليه. اما المواطن نجم عبد الله يقول: ان ما زرعته أمانة بغداد في شوارع بغداد لن يعوض الاف الدونمات التي جرى تفتيتها وتحويلها الى اراض زراعية، مشيراً الى ان المدينة حرمت من غطاء اخضر كثيف جرى تدميره نتيجة لسوء التخطيط وغياب النظرة المستقبلية وكان الاجدى ان لا تسمح الامانة بتدمير منظم المشاتل وتحويلها الى مقاه كما ان الامانة وبدلا من تشجيع القطاع الخاص على زراعة الشتلات فأنها لم تقم بما يكف من الجهود لحماية المشاتل القديمة التي جرى تحويلها الى مشاريع مضرة بالبيئة بتواطؤ من بعض العاملين في الامانة.

مشاتل تحولت إلى مراكز تجارية ومطاعم

حازم جميل يدير احد مقاهي الاركيلة في منطقة الكريعات يقول: إن “الأركيلة أصبحت موضة واكثر الذين يرتادون المقهى لشربها وخاصة العاطلين عن العمل من الشباب. ويضيف: الأركيلة صارت مطلوبة بكثرة، وصار أمراً طبيعياً أن يقوم أحدهم أو إحداهنّ بتدخينها دون هذا وذاك. ويشير صاحب المقهى إلى أنّ الإقبال على استهلاك الأكيلة يدرّ أرباحا جيدة قد تصل الى 125-100 الف دينار في الأيام العادية أما عندما يلعب الريال او برشلونة في الدوري الاسباني ترتفع نسبة المشاهدة ويزداد الطلب على الأر كيلة، واضاف: إن “سعر الاركيلة يرتفع من منطقة الى اخرى، ففي الأحياء الراقية تصل الى 25 الف دينار، حيث تتعمد بعض الكازينوهات أن يكون النادل فتاة لترغيب الشباب على ارتياد هذه المقاهي، وفيما يخص تحويل المشاتل الى المقاهي اكد جميل: ان الاوضاع المعيشية الصعبة هي التي اجبرتني على تحويل المشتل الى مقهى، والامر ليس وحدي بل هناك مشاتل تحولت الى مراكز تجارية ومطاعم وغيرها، كما ان امانة بغداد ليس لها لدينا سوى تسديد الايجار السنوي فقط.

 

قد يهمك أيضاً