تحقيق- فادي كمال يوسف
العراقيات بكل قومياتهن ودياناتهن، لهن – كما لباقي النساء في المجتمعات والأمم المتحضرة- دور أساس في بناء المجتمع وتقدمه، لاسيما في بلد خرج من حقة زمنية كان يرزح تحت حم دكتاتوري قمعي، لم تكن أية شريحة من شرائح المجتمع تتمتع بأدنى حق من حقوق المواطنة، ولم يكن المجال يفسح للناشط والعامل والعالم والباحث لتطبيق ما ينجزه ويبتكره. وكن النساء في تلك الحقبة يعانين من ضغوط مضاعفة من جميع جهاتهن، فعلاوة على ضغوط المجتمع، كان تطبيق القوانين لايمت من بعيد او قريب بمصلحتهن، هذا الحال في القوانين المنصفة بحقوق المرأة، فكيف الحال بأخرى مجحفة بها؟.
كيف ينظرن الى ما تحقق خلال السنوات الثلاث عشرة الماضيات في مجال حقوق المرأة؟ ما هي مشاكل المرأة داخل المجتمع ؟ كيف تتعامل المراة مع محيطها الخارجي؟ هل تعكس الاختلافات الدينية, العرقية, القومية تأثيرات سلبية على المرأة؟ جملة من الأسئلة، في التحقيق الآتي إجابات عليها على لسان نساء عراقيات من شرائح عدة:
السلطة الذكورية وتهميش دور المرأة
ترى وسن صفاء 23 عاما بكالوريوس طب اسنان:
– أن المجتمع العراقي هو مجتمع ذكوري, ولذلك فان تطبيق القوانين التي نص عليها الدستور لحماية حقوق المراة لن يكون بالامر السهل. وتشير الى وجود العنف المنزلي، وان المجتمع العراقي من المجتمعات الأولى في انتشار هذه الظاهرة السلبية، وهذا ما لا يمكن ايقافه بسهولة، لصعوبة وصول الاجهزة الحكومية اليه. وتوضح ان تربية المجتمع سواء من الناحية المراة او الرجل هي قائمة على تربية ذكورية, اي ان المراة لا ترغب بالمطالبة بحقوقها, لا بل تعتبر بعض الممارسات السلبية للرجال عرف و قاعدة اجتماعية قد ترتبط بعض الاحيان بالدين كذلك , فالطاعة العمياء للزوج، الاب، الاخ، وتقبل العنف والاهانة , قد تجد المرأة ان الخروج و مواجهة هكذا ممارسات هي خروج عن الدين وعصيان لله, وقد تنتقل هذة الظاهرة والممارسة من البيت لنجدها في العمل, فيجد الرجل انه الأقوى والاصلح والمهيمن على المراكز المهمة والقيادية, وهذا خطأ فليس الرجل هو السوبر مان الذي يستطيع عمل كل شيء و بشكل افضل مما ستفعله المرأة, وهذه بالتاكيد نظرة خاطئة وغير واقعية. وعن التحول خلال السنوات الست الماضية، تقول:
– الحقيقة هناك تحول و تغير في مجال حقوق المراة لكنه غير ملموس على ارض الواقع نسمع الكثير عن وجود منظمات و مؤسسات تدافع عن حقوق المرأة لكن لا نلمس حضورها العملي كما نسمع بالقوانين التي توضع لخدمة المرأة و ضمان حقوقها لكن لا نجد تاثيرها على النساء.
توعية المرأة بحقوقها الدستورية
وتجد هناء عمانوئيل القس ماجستير علم نفس، وناشطة نسوية:
– رغم كل القوانين والتشريعات التي اقرت لضمان حقوق المراة العراقية , لا نجد انها نالت حقوقها بشكل كامل، فالقوانين و التشريعات رغم اقرارها دستورياً الا انها لم تُفعل، بكل ما يقام من مؤتمرات و فعاليات لدعم حقوق المراة الا اننا نجد ان فئة معينة من النساء هن من يشاركن, و نجد ان هناك تغييب للكثير من الفئات و الفعاليات النسوية, ما يؤدي الى غياب شريحة واسعة من النساء. وتضيف:
– نحتاج اليوم الى دورات توعية اكثر، وورشات عمل بين مختلف الشرائح النسوية , تعطى فيها المراة جرعات من التوعية بحقوقها الدستورية , لكي نستطيع حينها المطالبة و بقوة بتطبيق القوانين الدستورية الخاصة بالمراة , اما منظمات المجتمع المدني فهي من وجهة نظرها تقوم بما عليها من دور في توعية المراة و لكن مازال دورها لا يرتقي الى المستوى المطلوب بسبب الظروف الصعبة التي تحيط بمثل هكذا عمل في بغداد, و كذلك بسب عدم اكتمال نظرة لعمل هذا النوع من المنظمات، وعدم فهم دورها الحقيقي في خدمة المراة، اما فيما يخص المجتمع فهو يشهد حالة من التقدم نحو المدنية و الأنفتاح, و لكنة يتقدم ببطأ شديد مما ينعكس على حقوق المرأة التي تعاني من ضغوطات المجتمع.
المرأة العراقية قيدت نفسها بنفسها
بينما ترى نور ماجستير هندسة سيطرة و نظم , تدريسية في الجامعة التكنولوجية, ان المراة في العراق لم تحصل على تغيير كبير في وضعها العام , فهي كانت و مازالت تعمل في مختلف مجالات الحياة , و اثبتت وجودها بجدارة، تعتقد ان هناك تغيير بسيط في وضع المراة فهي ما تزال بعيدة عن الأدوار التي تستحقها رغم تميزها في الكثير من النواحي الحياتية. وتقول:
– كنساء عراقيات نشعر باننا مقيدات من قبل مجتمعنا, نامل ان تستطيع المراة العمل بحرية اكبر مما عليه الأن, والتحرك في الكثير من مجالات الحياة بشكل اوسع.
تقول جنان صليوا يوخنا, رئيسة جمعية اشوربانيبال الثقافية:
– ان الرجاء الذي ينشده العراقييون في المساواة و الديمقراطية , جاء كلاماً و تعبيراً و جاء دليلاً لتطورنا وتفهمنا ورقينا , فهكذا نص الدستور و جاء منصفاً لحقوق المرأة و مدافعاً عنها الأ ان الواقع الذي نعيشه شيء مختلف عن الحبر الذي كتب فيه الدستور. وتتابع:
– المراة مغيبة، بغير ارادتها، والاسوأ قبولها بهذا التغييب بينما يقع على عاتقها مسؤولية العمل بجد نشاط كي تنال حقوقها، وخير وسيلة تعينها على ذلك ثقافتها وكفاحها اللذان يخلصانها من السلطة الذكورية الجائرة.
ترى عبير احدى طالبات قسم هندسة الحاسبات في جامعة بغداد:
– لا دور حقيقي للمراة العراقية في المشهد السياسي للعراق، ورغم وجود حصة للنساء الا انهن مهمشات و لا يوجد صوت نسائي حقيقي الا ما ندر. وتقول:
– ان وضع المرأة داخل العائلة جيد الى حد كبير، وافضل من وضع مثيلاتها في مجتمعات أخرى، لكن هذا لا يعني عدم وجود اضطهاد داخل الحياة العائلية. وتقول:
– ان مشكلة تعرض المراة للعنف داخل عائلتها، لم يتكفل بها القانون والدستور العراقيين ولم يجدا طريقة لحلها، وتستشهد بأزدياد حالات الطلاق، واصفة اياها بـ “الظاهرة السلبية” المضرة بالمجتمع، وتشير:
– ربما هي قليلة داخل المجتمع المسيحي الا انها بدات تظهر، وهناك حالات حصلت. وتستطرد:
– هناك خلل داخل العائلة يجب معالجته، وبالنسبة للعوائل المسيحية، ربما عملت الكنيسة على ايجاد الحلول لكنها لم تكن دائماً ناجحة, فهي تحتاج دعما حكوميا، صحيح أن هناك تغييرا حصل في عموم العراق ولكن بالنسبة لحقوق المراة لم يكن بالمستوى المطلوب.
وتقرأ نغم كمال بكالوريوس هندسة حاسبات، تدريسية في الجامعة التنولوجية:
– وضع المرأة افضل مما كان سابقاً ,وان هناك تغييرا طفيفا في مجال منح المرأة حقوقها، وتشير الى دور منظمات المجتمع المدني، المطالبة بتثبيت حقوقها النساء، والتي تعتبر خطوة نحو التقدم. لكنها ترى ان المجتمع يحتاج الى المزيد في تطبيق ما يقر من قوانين وهذا هو ما نعاني منه اليوم.
هو إذن، إجماع نسوي على وجود تغير ملموس من جهة منح المرأة حقوقها، لكنه تغيير بقى اسير الورق ولم يجرؤ على الخروج من اطارها الكلامي الى الواقع الفعلي، فهل تتحول القوانين والتشريعات ومواعظ الأديان في رعاية المرأة وحماية حقوقها الى واقع ملموس تقطف ثماره النساء العراقيات؟