حوارات وتحقيقات

لماذا نقرأ بعض الكتب مرتين؟

الحقيقة – قسم التحقيقات

 

يقال في الإعادة إفادة. فهل أن إعادة قراءة الكتب فيها إفادة ام أنها تتعلق بالحصول على معلومة نسيناها او لحاجة مؤقتة. ما الاسباب الكامنة وراء اعادة قراءة المنجز الأدبي؟ حاولنا ان نلج هذا الموضوع للتعرف على آراء الأدباء حول ذلك في استطلاع أجريناه:

الطين والنار

الدكتور جواد الزيدي قال: عندما كنا في بداية حياتنا الثقافية نقرأ الكتب لثلاث مرات او اكثر للاستزادة من فائدة القراءة وكذلك لاننا لا نملك مالا نشتري به كتبا جديدة. اما اليوم فيضيف الزيدي أنه «بسبب المشاغل والالتزامات الفنية والثقافية والتدريسية ووجود الكثير من الكتب الجديدة على جدول القراءة فإن اعادة قراءة بعض الكتب قلت او صارت صعبة. لكن قد اعيد بعض الفصول من الكتب القديمة , اذا احتجته لدعم دراسة لي او محاضرة او مقالة , بحيث يغني ما اريده من الاعادة. وتابع «أحياناً أعيد قراءة كتبي صغيرة الحجم واستمتع بها واقول لنفسي هل انا فعلاً من كتبها، واحيانا اجد بعض الخلل او النقص في المعلومة فأعمل على تصحيحه من خلال طبعة جديدة منقحة ومزيدة.. وبصراحة انا لا املك الوقت الكافي لإعادة قراءة الكتب إلا ما ندر لأنني مشتت الجهود بين التدريس في الكلية والاشراف على الطروحات والأماسي والتأليف وكتابة المقالات وغيرها». ويقول أنه «من القراءات التي اعدتها كتاب قاسم حمزة المعنون (حكايا الطين والنار) وقرأته لمرتين لأهميته ومعلوماته القيمة. وحتى نصوصي وكتبي اقرأوها غير مرة حتى بعد صدور كتبي أعيدها للتعرف على الاخطاء وغيرها.. وقرأت كتابي (الخطاب البصري) وكتب مظفر النواب وشعره الشعبي الجميل ولرولان بار ودريدا لاسيما كتبهما النقدية». وأكد أن «اعادة القراءة هي ظاهرة صحية للادباء لانها تعيدهم الى القراءة التأملية وتفحص النصوص وتذكر ما نسي منها واعادة المعلومة ثانية واعادة النظر فيها وفي المنجز الادبي».

ومن جانبه قال الناقد بشير حاجم «اني اشتغل في نقد الكتب فلا بد من العودة الى قراءة بعض المصادر للاستشهاد بها, سواء كانت تلك المصادر من كتبي الشخصية او من الكتب الاخرى للزملاء الاخرين من العراقيين او العرب او الاجانب, الذين يكتبون في حقل النقد. وأضاف «غالبا ما افتش في مكتبتي عندما اريد الكتابة عن موضوع معين كي ادعمه بمصادر موثوقة فأعيد قراءتها مجدداً منها كتب (جيرار جينسك). وكذلك كتب الناقد العراقي حاتم الصكر لاسيما في مجال السرد والنقد ، وكذلك سعيد يقظين من العرب. من ابرز كتب جينسيك التي اعود اليها كتاب (الحكاية) وكتاب (العودة الى خطاب الحكاية) وكتاب (قال الراوي) لسعيد يقظين وكتاب (مالا تؤديه الصفة) وبالنسبة لكتبي اعود اليها للاشارة لبعض فقراتها مع ذكر رقم الصفحة او الفصل حتى أكوّن دليلا للقارئ يعود اليه للاستزادة منه. لكنه أوضح «أنا لا اعود الى قراءة كتبي بشكل عام لانني اؤمن بضرورة تجاوز ما كتبنا والعمل على اصدار الجديد الذي يتضمن تطورا ونضوجا في النظرة والطرح». 

متعة الإعادة 

الروائي رياض الفهد قال «انا اعيد قراءة كتبي بعد فترات من نشرها مثلا روايتي الاولى دينار او الثاني الصادرة عام 2005 فعدت قراءتها عدة مرات لاني اعتبر ان قراءة المنجز الشخصي ثانية هي محاولة استيعاب ما الذي كتبته. وهل كان الموضوع متكاملا ام فيه نقص؟. وهل اغفلت اشياء في كتاباتي الاولى ام استوعبت كل الامور التي وردت فيها. وأضاف «كذلك اعيد بين اونة واخرى بعض الكتب ذات الاهمية كما حدث مع الكاتب الشهير ماركيز وروايته ذائعة الصيت (مائة عام من العزلة) لما لها من متعة تتجدد مع كل قراءة جديدة. وهو من المشاهير الذي انجز اعمالا مذهلة لاتجدها عند غيره من الروائيين. وهناك امثلة اخرى عديدة. ان متعة اعادة القراءة لاتفارق مخيلتي ابداً. 

ذكريات جميلة

بدوره، قال الناقد والروائي عباس لطيف: ان فكرة اعادة بعض القراءات القديمة لبعض المنجزات الادبية سواء لكتبنا او كتب الاخرين تخضع الى عدة اعتبارات الاول ان الانسان بحاجة الى تجديد افكاره وتنويع مصادرة لاسيما ان الذاكرة لا تحتفظ دائما بكل القراءات السابقة مع وجود كمية النسيان لدى الانسان.

 كذلك هي نوع من العودة الى المنهج واستخدامه كمعلومة. مؤكدا أن «هذه المراجعة تأخذ طابعا مهما لا يمكن ان تنقطع عن الماضي والكتب القديمة, ذلك اننا بحاجة دائمة الى العودة اليها سواء للمقارنة او التنقيح او استدعاء ماضيها ومعايشة طقسها الذي كتبت فيه». وعن قراءاته قال «انا دائما اعود الى روايات تذكرني بأجواء سابقة عشنا فيها مواقف وحكايات تذكرنا بزمن قراءتها.. اعود الى الادب الروسي مثل غوركي وتولستوي جايتوفسكي وهي الفترة التي تذكرنا بالاجواء المقيتة التي عاشها شعب الروكا في ظل نظام القياصرة. 

كما ادعو الى قراءة بعض منجزات الادب الاميركي كي اعرف نوعية الذهنية للكتاب الاميركيين وانعكاس ذلك على الشعب الاميركي. كذلك للتعرف على اجواء الحرب الاهلية في امريكا». وأكد أن «العودة الى القراءات السابقة هي العودة الى الينابيع والطقوس التي كتبت بها هذه الاعمال. اما بالنسبة لاعمالي ورواياتي فأستمتع باعادة قراءتها كثيرا واعيش لحظات الانبثاق ولحظات ولادة تلك الاعمال واقرؤها وكأن احداً غيري كتبها ولست انا».

قد يهمك أيضاً