حوارات وتحقيقات

المكتبة المدرسية، ملاذ طلاب العلم والمعرفة.. نسياً منسيا

تحقيق- عادل الصفار 

 

 

ظاهرة مؤسفة

وفي هذا الصدد يقول الناقد فاضل ثامر: من المؤسف ان نجد ظاهرة في المؤسسات التربوية على مختلف المراحل تتمثل في اهمال المكتبة المدرسية خلال العقود الأخيرة. واكد: اننا جميعاً قد تربينا على هذه المكتبة خلال مراحلنا الدراسية. ولهذا ادعو وزارتي التربية والتعليم العالي الى اعادة الاهتمام بالمكتبة المدرسية والجامعية وتفعيل دورها لتشجيع الطلبة على المطالعة وتوسيع مداركهم الثقافية. كما ادعو كذلك جميع الجهات المختصة بانعاش المكتبات المحلية التي اهملت كذلك واضحت مجرد مسميات، وقسم منها قد اختفت تماماً في وقت نحن بحاجة كبيرة لنشر الوعي الثقافي خدمة للمصلحة الوطنية. 

 

توسيع آفاق الوعي

وقال الناقد علي الفواز: المكتبة المدرسية تظل دائماً مرتبطة في البنيات الأولى للوعي لدى الطلبة منذ مرحلة الابتدائية، فهي تربي فيهم مفاهيم كثيرة من أهمها حب اقتناء الكتاب، والذي بدوره يفتح امامهم آفاقا ثقافية واسعة ترافق تقدمهم في مراحل الدراسة، خاصة وان الطلبة في مرحلة المتوسطة والاعدادية تكون قدرتهم الاستيعابية واسعة. وبلا شك ان الثقافة تسهم في رفع مستوى الطلبة التعليمي وتصنع فضاءات للتجمع وتبادل الأفكار، وفي الوقت ذاته يتعرفون على اسماء الادباء والباحثين الكبار، والثقافة تؤثر بشكل او بآخر على وعي الناس.

 

انشطة معدومة

فيما اشار الناقد بشير حاجم الى انه من الذين تأسسوا من خلال المكتبة المدرسية. وقال: اتذكر حين انتقلت من مرحلة الدراسة الابتدائية الى المتوسطة وجدت مكتبة فاخذت بزيارتها مع بعض زملائي لاستعارة ما نراه مناسباً من هذه الكتب. موضحاً: ان الاستعارة كانت خارجية أي بمعنى يسمح لنا باخذ الكتب معنا وقراءتها في البيت. وبذلك توسعت رغبتي للقراءة التي بدأت معي منذ مرحلة الابتدائية من خلال كتب ومجلات الاطفال، وصارت تاخذ آفاقاً متعددة.. ولكن للأسف يبدو لي ان ظاهرة المكتبة المدرسية قد غابت خلال فترة التسعينيات نتجة للاحداث السياسية والظروف المجتمعية وبسبب الحصار الذي اطبق على العراقيين، فلم تعد ادارات المدارس ومديريات التربية تعبأ بالكثير من الأنشطة والفعاليات التي كانت موجودة في المدارس حتى فترة الثمانينيات برغم اننا كنا نعيش حرباً ظروساً، فقد غاب درس الفنية والنشيد والرياضة، ومن ضمن هذه الانشطة التي انعدمت هي المكتبة المدرسية.

 

 جفاف ثقافي

وفي غضون ذلك بين الشاعر ابراهيم الخياط: لو سألنا الآن كل من اصبح ذا شأن أكاديمي عن المكتبة المدرسية، سيروي لنا اهميتها في تطوير مستواه الدراسي، وفتح آفاق المعرفة امامه.. كما سيتحدث لنا عن المشرفين على هذه المكتبات وطريقة تحبيب الطلبة وتشويقهم للقراءة والاطلاع واختيارهم الكتب التي تناسب كل طالب، وهنا يكمن الفرق بين المكتبة العامة والمدرسية التي كان لها الدور الأهم في رفع مستوى الطالب وتوسيع آفاقه المعرفية علمياً وتربوياً وأدبياً، وخاصة خلال فترة الستينيات والسبعينيات، ولكن خلال فترة الثمانينيات ومنذ ان انطلقت القادسية السوداء بدأت حالة عسكرة المجتمع.. فأخذ الغبار يغطي الكتب وخاصة مع دخول الحصار ومن ثم الاحتلال، حتى غدت المكتبة المدرسية وكأن لا وجود لها، وهذا ما نلاحظه الآن من خلال الجفاف الثقافي للطلبة، وانخفاض مستواهم الدراسي.

 

 الثقافة فلسفة العلوم

الفنان الموسيقي طلال علي مدرس في معهد الفنون الجميلة: المكتبة المدرسية هي جزء من ثقافة الكبيرة التي يجب ان يشجع عليها في المدارس الابتدائية وحتى الثانوية. فالمكتبة المدرسة تشكل في تقديري نسبة 60% من ثقافة الطالب الذي يدخل المدرسة ويتعلم القراءة والكتابة ودروس كالرياضيات والمطالعة والعلوم والجغرافيا وغيرها، ولكن كيف سيتم التعبير عنها؟ فالثقافة هي فلسفة العلوم، ومن تأتي ضرورة وجود مكتبة لجميع المراحل الدراسية، ويتم التشجيع والترغيب على القراءة والمتابعة، فالسبب الرئيسي في انحطاط المستوى التدريسي وضعف الوعي لدى الطلبة هو عدم الاهتمام بالقراءة والاطلاع على مصادر الكتب. 

 

محور أساسي للمنهج المدرسي

وتقول المعلمة عدوية السوداني من مدرسة النعيم الابتدائية: مؤكد ان المكتبة المدرسية تعد مظهراً مهماً في حياة الطلبة، وليس هناك من يشك في أهميتها أو يقلل من قيمتها التربوية، فهي محور أساسي للمنهج المدرسي، ومركز للمواد التعليمية التي يعتمد عليها في تحقيق أهدافه. ونتيجة للكم الهائل من المعلومات، في مجال المعرفة يرى التربويون ضرورة الانتقال بالمناهج الدراسية من حدود الكتاب المدرسي المقرر إلى آفاق مصادر المعلومات المختلفة.. ومن هنا يتم التأكيد على ضرورة وجود الركن الداعم لهذه الفكرة، ألا وهو المكتبة المدرسية..

 

وظائف المكتبة المدرسية

 واوضحت الدكتورة أزهار حسن: لا شك أن المكتبات المدرسية قادرة على تحقيق الأهداف العلمية وترجمتها إلى واقع عملي شرط ان يكون المكلفون بالمكتبات على قدر كاف من تحمل المسؤولية، وعلى وعي تام بهذه الأهداف، وإيمان كامل بوظيفة المكتبة داخل المجتمع العصري، ولن يتسنى لهم ذلك إلا من خلال تزويد المكتبات المدرسية بالإمكانات اللازمة التي تحقق لها القيام بخدماتها على الوجه الأكمل ومنها: احتواء المكتبة على مختلف مصادر المعلومات من كتب ومراجع ودوريات ومواد سمعية وبصرية، وان تسمح بتهيئة البرنامج النموذجي لتدريب التلاميذ على المهارات المكتبية. وتخصيص واجبات في صلب المقرر يعطيها المدرسون للطلاب لإثراء المناهج وتوسيع الأفق الثقافي فيها. ثم ضرورة الاعتناء بالمظهر الجمالي للمكتبة لجذب التلاميذ إليها مع التركيز على تنظيم مصادر المعلومات. وان يكون أمين المكتبة واعياً ومدركاً لأهمية دور المكتبة في حياة الطالب والمدرس على حد سواء.

 

 نظم متطورة 

فيما يقول استاذ مادة التاريخ عبود حنون: المكتبة المدرسية تسهم في استيعاب التدفق الكبير للمعلومات، من خلال توفير المصادر والأجهزة.. لذلك من الضروري تهيئة المجتمع المدرسي من تلاميذ ومدرسين للتعامل مع هذا التطور بفعالية، وذلك ليتحقق الاستعمال الأمثل لمصادر المعلومات من خلال وجود ضروري للمكتبة، لكي نستطيع مواكبة التطور العالمي الحاصل في النظام التعليمي، فقد اهتم الباحثون في حقل المكتبات، وخاصة المدرسية منها، بوضع الكثير من التعاريف للمكتبة المدرسية، نذكر منها: نظام لجعل مصادر المعلومات في متناول الاداري والمدرس والتلميذ، وهذا النظام يعكس فلسفة المدرسة ويثري كل برنامجها التربوي.. كما توصل الباحثون في مجالات التربية وعلوم المكتبات إلى تعريف المكتبة المدرسية بمفهومها الحديث بأنها المجموعات المنظمة من مواد مطبوعة وغيرها من المواد التوضيحية، ويتمثل بعض من ذلك في المكتبات السمعية والبصرية كالأفلام التعليمية والشرائط الفيلمية والشرائح والصفائح الشفافة وغير ذلك، مما يسهم في تنويع مصادر التعليم.

 

قد يهمك أيضاً