ثقافة شعبية

(سمج وطابك ) .. طقوس بدائية للشواء وطعم لا يضاهى

الحقيقة – متابعة   

 

من اطيب الاكلات التي يتميز بها الجنوب هي اكلة ” السمج والطابك ” التي تتطلب تحضيرات لهذه الاكلة ذات النكهة الطيبة والعالقة بذاكرة كل جنوبي او نقدر ان نطلق عليها بلا تردد هي الوجبة الدسمة والمفضلة عند اهل الجنوب بلا منازع .

ولو اردنا ان نبين لمن لايعرف هذه الاكلة فانها تجهز على طبق دائري من الطين المفخور بالنار لشواء العجين الذي هو من ” دقيق الرز ” يفرش العجين على هذا الطبق الدائري المفخور بسمك 5 سم ومنهم من يضع في تلك العجينة  عدد  من ” الزوري ” الصغير،ثم تبدأ عملية الشواء حيث توضع الاقراص النارية التي نطلق عليها تسمية ” المطال ” الذي هو بقايا روث المواشي الجاف ثم نشعل تلك الاقراص بمادة باعواد البردي اليابس بدون استعمال مادة النفط حتى تتسرب رائحة النفط الى ” الطابك ” وبعد ان تهفت النار من ” المطال ” يزاح الرماد من الطابك فترى ” قرص ” دائري محمص ومحشي بـ ” الزوري ” برائحة شهية يثير لدينا شهوة اكل هذا القرص بعدما تجتمع العائلة لتمارس تلك الطقوس السومرية البدائية التي مازالوا اهل الاهوار يمارسونها تقريبا في كل يوم . 

اما طريقة شواء السمك فتختلف كليا عن طريقة  شواء” السمج المسكوف ” الذي يعتبر من الاكلات البغدادية وخاصة في شارع ابي نؤاس ،وعلى نفس الطريقة التي تتم بها عملية شواء ” الطابك ” يوضع ” المطال”  على الطبق المفخور  ونشعل النار الى ان تصبح جمرا،فنضع ” البنية ” ويصبح الجمر في وسطها المملح علما ان “سمك البني ” من اطيب الاسماك وننتظر حتى تفوح تلك الرائحة التي تثير فينا شهوة النهم،ثم نقلب السمكة على ظهرها لتكتمل عملية الشواء وتكون السمكة جاهزة للاكل مع رؤوس البصل الاخضر او ” الحايل ” ، ساعتها تتشكل العائلة ،ويبسمل  الوالد ” بسم الله الرحمن الرحيم ” وقتها تكون الايادي والافواه النهمة تقضم حتى العظام بل نمتص كل جزء منها ولم يتبق من السمكة اي شيء حتى الجلد ، عندها يكون ” كتلي الجاي ” الاسود الفاحم قد بلغ فورته الاخيرة وفاحت منه رائحة الهيل، ساعتها نتمازح نحن الصغار ” خويه اكلت سمج ومصمصت العظام وشربت جاي .. جاتوك انته ماكل سمج ” تلك هي الطريقة في عملية شواء السمك التي لها طقوس تشبه الطرق البدائية منذ بدء الخليقة وحتى الان،ربما تكون السمكة اكثر طعما في الاكل اذا كانت ” غابّه ”  وهي طريقة تترك فيها السمكة تحت “الطشت” لتعطي نكهة طيبة.

كنا عندما يعود الصيادون من رحلتهم اليومية التي  تطول يوما او يومين في اغلب الاحيان حيث يغورون  في نياسم الاهوار الممتدة على 

مسافات واسعة في اهوار” الصحين ” او غيرها من تلك المسطحات المائية الفسيحة  الممتلئة بانواع الاسماك منها ” البني والكطان والشلج والشبوط وغيرها من الاسماك المتنوعة التي تتميز بها مناطق الاهوار وهم معبؤون بمتاع من طحين الرز والشاي ويعتمدون باكلهم على الصيد.

 نكون نحن في ساعتها مستعدين لنقل السمك الى بيوتنا القصبية العائمة، ثم تتم عملية القسمة بين الجميع، وكأننا نعيش في بيت واحد، وما يتبقى يباع الى ” الصفاطة ” الذين ينتظرون الصيادين ليشتروا منهم ما اصطادوه في رحلتهم القصيرة ثم يتم تسويق السمك الى مدينة العمارة ومنها الى بغداد.

قد يهمك أيضاً

استضافة وتصميم: شركة المرام للدعاية والإعلان