إن أكثر ما يميز الأمثال العربية بشكل عام والعراقية منها والموصلية بشكل خاص هو أن لها مجموعة من العناصر المشتركة منشأ ولفظا ومعنى وهي في الواقع دليل قاطع على وحدة هذه الأمثال وتنبع من اشتراك العلاقات التاريخية الاجتماعية والثقافية ومن جهة أخرى نجد بين الأمثال الشعبية لكل قطر أو مدينة عددا لا يستهان به من نماذج محلية بحتة نشأت في هذه البيئة وتتحدث عن تاريخها الخاص وخصائص حياتها لا يعرفها ولا يستعملها إلا أهالي هذه البيئة استنادا على هذا نستطيع أن نقول بأن الأمثال الشعبية لكل قطر تتألف من قسمين من امثال مشتركة وهي منتشرة ومعروفة في أقطار متعددة ومن أمثال محلية وهي التي نشأت في بيئة معينة في حدودها فقط وهي أقل من حيث العدد مقارنة بالأمثال المشتركة التي فرضتها الخصوصية المحلية فهناك الكثير منها يحمل المضمون الاقتصادي في المثل فالعمل هو كل حركة هادفة تسعى لتحقيق هدف معين وهو ينظم الحياة ويحفظ للإنسان كرامته ووجوده ويجعله كائنا منتجا عاملا قادرا على تحقيق رفاهيته وسعادته ومنطق الاجتماع الإنساني لا يقبل أن يعيش إنسان قادر على العمل بدون أن يعمل لأن ذلك يعني هدرا في مقدرات المجتمع ومذلة ومهانة للإنسان حيث يصبح الفرد مستهلكا لا منتجا عاطلا لا عاملا وعالة على الآخرين فاقدا لكرامته ومكانته في نظر الآخرين والمجتمع ككل متكامل يحتاج إلى الأيدي العاملة الماهرة التي تحقق تنمية اقتصادية في مختلف المجالات ونهضة ورقي للمجتمع ولا يخفى على أحد بأن الاقتصاد هو عصب الحياة وأحد أهم عناصر وجودها واستمراريتها ورقيها وتتعدد أنواع العمل بتعدد متطلبات حياة الإنسان على هذه الأرض وكلما تطورت الحياة زاد العمل تعقيدا وأفراد أي مجتمع من المجتمعات إنما يمارسون أعمالا متعددة تتناسب مع بيئاتهم واحتياجات مجتمعهم وغيرها من الظروف الأخرى التي تحدد نوع العمل ولقد تضمنت العراقية بصورة عامة والأمثال الموصلية بصورة خاصة العديد من المصطلحات والمفاهيم الاقتصادية المرتبطة بالحياة الاقتصادية في مدينة الموصل منها كالتركيز على اهمية العمل للرجل وسلبية تقاعسه او بطالته فالفرد لابد له من أن يعمل ليكسب قوته وقوت اسرته ويؤمن متطلبات الحياة الكريمة له ولهم سواء أكان هذا العمل وظيفة أو عملا حرا في الزراعة أو الصناعة أو التجارة والخدمات المختلفة والمهارة في أداء العمل وإتقانه والنشاط في أدائه وحث الإنسان على تعلمه صنعة ما وإتقانها والتشجيع كذلك على العمل من خلال انتقاد وذم البطالة وذكر مساوئها فمن ابرز امثال الحث على العمل هي ( اشتغل اباره وحاسب البطال ) وايضا ذم البطالة ( أكل ومرعى وقلة صنعة ) والحث على تعلم صنعة ( الصنعة خاتم ذهب ) اما عدم الشراكة في العمل ( دست الشراكة ما يغلي ) وقد تم التطرق ايضا الى تشخيص بعض أنواع السلوك من خلال الامثال كوراثية السلوك وتكراره ( ابو عادة ميجوز من عادته ) اما مثل تحقيق الأمن الاجتماعي ( امن وامان راحة جان ) اما مثل التبرير الاجتماعي ( الجود من الموجود ) اما التباهي والتفاخر( تتباهى الكرعة بشعر اختها ) اما مثل غياب الضبط الاجتماعي ( غاب الكط العب يافار ) وقد وردت المعتقدات الدينية على لسان الامثال ايضا والمقصود بهذه المعتقدات هو الاعتقاد بالغيبيات والأيمان بها كالاتكال على الله الحياة والموت والقضاء والقدر والخير والشر ونجد ذلك في مثل الاتكال على الله ( اليمسك الله ما يخيب ) وايضا مثل ( توكل على الرحمان وبات في أمان )اما مثل القضاء والقدر فهو (الحذر لا يمنع القدر ) وايضا هنالك لمسات اجتماعية يمكن استقصاؤها من خلال تتبع المثل الشعبي الموصلي فصفة العناد او العنيد الذي هو انسان لا يستمع للغير ويعاند من غير فهم او تقدير للامور يقول المثل عنه ( روح فهم احمد اغا ) او مثل ( يسمع بالمقلوب ) وايضا يقال للعنيد
( لاياخذ حكي ولا ينطي حكي )..








