رأي الحقيقة

العلاقات التـــي دمرهــــا صـــدام أعادها الكاظمي

منذ العام 1990 والى اليوم، والعراق يعيش في عزلة عن محيطه العربي والخليجي بشكل تام، ومنذ ان ارتكب صدام المقبور حماقة احتلال الكويت، وجدت دول الخليج بأجمعها، أن عليها ان تقطع الجسر الممتد مع هذا البلد، وأن تساهم بكل ما استطاعت في محاصرة هذا النظام ومعاقبته وعزله عنها.

كان الأمل كبيراً في إحداث تحول كبير نحو استعادة العراق لموقعه ودوره الريادي واستعادة مصالحه مع هذه الدول بعد 2003، ولكن سوء الفهم، واللبس، والانعزال، وسياسات الاستعداء، والعزف الطائفي من رؤساء الحكومات، وما قابلها من صدود وجفاء بل وعداء أيضاً من انظمة الخليج، جعلت العراق معزولاً عن محيطه العربي بشكل واضح، رغم أن المرجعية الدينية في النجف الأشرف، وفي اكثر من لقاء ومناسبة كانت تؤكد على ضرورة التواجد العربي في العراق، وأن يسير العراق في علاقاته مع محيطه بجناحين، لا جناح واحد، لكن اختلال المعادلات كان هو الطاغي في شكل العلاقة العراقية – العربية والخليجية خصوصاً. 

كان البعض يقول إن سبب الاستعداء طائفي، وكان البعض يغمز من قناة (الشيعة) بكونهم يفضلون الانعزال والانفصال عن محيطهم العربي، وكانت الالسن المأجورة تهاجم شيعة العراق الحاكمين فيه بأنهم وراء هذا الانعزال. 

حتى بتنا لا نعرف لمَ كل هذا الاستعداء وهذا التبادل في التهم والتقاطع الغريب؟، ولكن ها هو رئيس وزراء عراقي، ينتمي في الواقع للمذهب الشيعي، بل ويتلقب باسم (الكاظمية) إحدى اهم المدن الشيعية الاسلامية المقدسة، ينجح في كسر هذا الحاجز، ويستعيد ألق العلاقات العراقية الخليجية، ويكسر المقولة الكاذبة، بأن الشيعة يستعدون العرب، أو أن هناك عقدة عربية تجاه الحاكم (الشيعي)، فالحساسية العربية لم تعد موجودة مع الكاظمي، لماذا؟.

بصراحة، شديدة، لأن الرجل ظهر متوازناً جداً، نهض بمسؤولية وطنية صرفة، ولم يخضع لأي اعتبار سوى البحث عن مصالح البلاد، وتوطيد منطق الدولة، وأن يركز مفهوما جديدا، وينهي تلك (القوانة) المشروخة عن أن ” الشيعة العراقيين لديهم عقدة من اشقائهم العرب او الخليجيين، بل ظهر الكاظمي عربياً مسلماً منفتحاً بالمقدار والمستوى نفسه على ايران والسعودية وتركيا ومصر والاردن والامارات وقطر وغيرها من الدول العربية وغير العربية، ولا يخضع بمزاجه السياسي الا لمؤثر مصالح بلاده ومصالح المنطقة في بناء سلام دائم وتعزيز لغة الحوار الدبلوماسي، وكسر الحواجز والكتل العازلة التي ضببت المشهد على الجميع، وتسببت بتمزق الهويات الوطنية، وتأجج النزعة العنفية في دول كانت مستقرة وتسير بطريق التنمية والازدهار.

إن الرئيس الكاظمي بحراكه الخارجي لا يستعيد بناء جسور الثقة والتعاون مع المحيط العربي بعد قطيعة دامت ثلاثة عقود مرهقة، وبصراحة شديدة، فهو اليوم يعيد تأكيدا ثابتا آخر، هو أن الاغلبية في العراق ميالة للحوار والتواصل وتبحث عن المشترك، وترفض منطق الصراع والحروب بالوكالة وغيرها.

قد يهمك أيضاً