ثقافة شعبية

"أيام زمان.. الحايچ "

اشتهر العراق بالحياكة والنسيج، وكانت هذه الصناعة –ايام السومريين- واسعة الانتشار يشرف عليها مراقبون على احدث طراز من الاشراف الحكومي على الصناعات، وقد وجدنا –نول- النساج يتحرك في اقدم عهود التاريخ البابلي، وبعد بناء بغداد ازدهرت صناعة الانسجة فيها في القرن العاشر للميلاد، وكان البغداديون يكرهون الحاكة لانفتهم من النزول بين اصحاب الصنائع، ولذلك رووا حولهم الحكايات الساخرة، واشتهرت “باقداري” القرية البغدادية بصناعة الثياب القطنية كما اشتهرت محلة العتابية بالكرخ بروائع منسوجاتها. وكان الحايج البغدادي ملزما بمراعاة التعليمات التي كان المحتسب يصدرها بين حين واخر، فهو بموجبها كان اذا اخذ غزلاً من شخص لينسجه، يأخذه بالوزن فاذا نسجه ثوباً غسله ثم دفعه الى صاحبه بالوزن ايضاً. وقبل اكثر من مئة سنة ونيف كان في بغداد اكثر من (200) معمل “دكان” للاعبية تنتج اكثر من (40) الف عباءة من مختلف الالوان و (130) معملا للاحزمة القطنية “الحياصات” و (200) معمل للاحذية الحريرية، واعتاد الحايج البغدادي ان يحوك مختلف الاقمشة الصوفية والحريرية، ومما يذكر في اوائل القرن السابع عشر انه كان في باب بغداد ما لايقل عن اربعة الاف نول للحياكة، وكان حاكة باب الشيخ يحوكون الازر الحريرية كما ان الاعظمية والكاظمية كانتا من محلات الحياج المشهورة، وقد عرفنا من اسماء الاقمشة والمنسوجات البغدادية القديمة مفردات كثيرة اصبحت اليوم غريبة منها، قدغ وبيلدار ومرمري وغيرها. ومايزال الحائك البغدادي في النزع الاخير من حياته بعد ان نافسته معامل النسيج الحديثة.

قد يهمك أيضاً

استضافة وتصميم: شركة المرام للدعاية والإعلان