ثقافة شعبية

شواطي الروح.. للشاعر بشير العبودي

ريسان الخزعلي

 

(اللغة..الصورة..الآخر)

 1

*.. إجاني الصوت.. وين انته..؟

.. وسمعته الصوت..وين انته..؟

انت الشاعر النكته..

ونطّيهم..ضجيج التنك والبارات

واخذ روعة السكته..*

*..هكذا، تبدو مقاومة الشاعر، مقاومة الصوت الذي يحاول ان يقوّض وجوده بالسخرية المرة، الا ان الشاعر يمتلك اكثر من جهد روحي في هذه المقاومة، والشعر هو الاجدر بتعرية الضجيج بالضجيج، غير انه ضجيج من خارج ممكناته ( التنك والبارات) ..،لان ممكنات الشاعر تكمن في ( روعة السكته) .

من هذا الاستهلاك اردت ان امرّ على مجموعة الشاعر المبدع (بشير العبودي)/..(شواطي الروح) الصادرة من دار ميزوبوتاميا، حيث وجدت في هذا الاستهلاك ومن خلال المقطع الشعري اعلاه، مقدرة الشاعر الابداعية في تقديم قصائده بارتكاز فني يقوم على الصمت ( روعة السكته)..، هذه الروعة التي تفضي الى (شواطي الروح) ..،حيث اللذة التي يفقتدها غير الشاعر ، لان الشاعر المبدع يعود الى روحه كثيراً ويحتمي بها.

2

*.. قصائد/ شواطي الروح/..، حتى وان لم تتحرك في مساحة الشاعر الكلّية، حيث انها كانت مختارات من كتاباته لغاية 1979 م، وبذلك تكون قد جاءت من البدايات والتطور اللاحق لهذه البدايات، الا انها قصائد متماهية مع تطور الشعرية الشعبية السبيعينية، هذه الشعرية التي منحت القصيدة الشعبية جدّية تطورها، وانفتاحها الفني والجمالي، والشاعر/ بشير العبودي/ من الجليل السبعيني الذي شغلته التجربة النوابية ، وما بعد النوابية، ويوصف حينها بانه من جيل/ الشباب/ الذي قاوم السذاجة والسطحية اللتين تلفحان القصيدة الشعبية قبل التجارب التي اشرت اليها.

3

*.. تتمتع قصائد المجموعة بملامح فنية واضحة على مستويات عدة ( اللغة، الصورة، القصيدة القصيرة، القصيدة ذات المقاطع، قصيدة العناوين الفرعية، التحرر من سلطة القافية الواحدة، التقفية الداخلية والخارجية، خطاب الاخر، الرمز رغم ندرته، تنوع البناءات … الخ) .. ،وهذه ملامح تشير الى ان شعرية الشاعر تتقدم بتثقيف ذاتي يتواصل مع تطور الشعرية عموماً:

*..أحبك..ما يخالف

بس اشوفك وين

اذا انته ابوسط روحي..اوضعت مني

ادورك وين

دليني عليك..احترك ماي العين

مواسم هجرك..ارتارحت عله اسنيني

اوخلتني بعذاب الحيره..بس وياك

اعاند بيك روحي..اشما يجيبك طيف..*

 *..علامات الصبر..شريان

ينزف بالعتب..وافراك اليحبون

بس الليل..يحضن غربة الماشين

وانه الانتظار ابكلبي شجرة توت

تحضن طيفكم..وابلايه حس اتموت..!..*

*.. في المستوى اللغوي، تكون لغة الشاعر لغة مدينية متحررة من قدم المفردات الموغلة في المحكي البعيد، تلفحها غنائية محببة تستهوي الروحي ( شواطي الروح)، ومثل هذه اللغة اوصلت الصورة الشعرية بصرياً وايحائياً الى المعنى الذي نرتجيه من الشعر، وليس الكلام الذي يقدم تسليات جاهزة:

* .. كتب آخر سطر..

عالليل والنجمات..،

حتى ايظل كمر سهران.

اوحط روحه قصيدة..

إبذمة النهران..*

   تعال او شوفني..

إشصاير على فركاك

شمعه الگب..،

وانته ابلا خجل..ساعات هجرك ريح..!..*

4

*../ الآخر/ خارج التوصيف العاطفي، يحضر كثيراً في بعض قصائد المجموعة، وكثيراً ما يكون غير واضح السمات، ومثل هذا الآخر، هو الذات التي يجد الشاعر ذاته فيه، ويرتبط بالتكوين النفسي والاجتماعي والتقاربي للشاعر محاطاً بسرية الاشارة:

*.. أحلم بيك.. بس انته

وهواك ابروحي دنيه اسرار..*

غير ان الاخر الشاعر ( المتنبي، ابو تمام، المعري، عروة، جرير، ابو نؤاس، الفرزدق، عنترة) يجد فيه ما يروّض الروحي، تحديداً في تجارب بعضهم( ابو نؤاس، حيث النشوة الروحية، وعروة حيث الصعلكة)..،:

*.. بيه اهات المعري.. وبيه شجاعة عنترة

او صعلكة عروة.. ليش خايف

او بيه ابو تمام يقره.. وبيه ابو نؤاس يشرب..*

 *شواطي الروح.. بشير العبودي..دار ميزوبوتاميا للطباعة والنشر والتوزيع 2013م.

قد يهمك أيضاً

استضافة وتصميم: شركة المرام للدعاية والإعلان