ثقافة شعبية

زامل سعيد فتاح ذاكرة شعرية لا تنسى

استطاع الشعر الشعبي العراقي وعبر موروثات الحياة الشعبية العراقية ان يؤسس له مكانة مهمة وكبيرة واستطاع عبر مراحل زمانية ومكانية كثيرة ان يتوغل في قلوب الناس وآلامهم وينهل من تلك الأحزان مرثياته وتراتيله المشبعة بالأنين والحزن العميق وصارت مرثيات العراقيين في مصائبهم أبياتاً من هذا الشعر او ذاك حتى أننا إذا ما بحثنا في منجزات كبار الشعراء الشعبيين فإننا نادراً ما نجد نزر الفرح في جزء يسير من أبياتها كنسمة هواء باردة في قيظ صيف مغبر أما الشعر الشعبي الغنائي فقد تسيد الساحة العراقية عبر منابره الشعراء المعروفون في بغداد وغيرها من المناطق ، إلا أن تعاقب الأحزان وما مر على العراقيين من ويلات وقهر حد من تأثير هذا الشعر في الساحة العراقية وصارت تراتيل الحزن تلف حناياها أوجاع العراقيين وآلامهم، فصارت الطبيعة وظروفها القاهرة لا تشكل شيئاً أمام المحن الاجتماعية والفقر الذي عاشه الكثير من سكان العراق ومنه المناطق الجنوبية التي اكتوت بظلم الإقطاع والاحتلال والسياسات المتعاقبة التي كانت كالطاعون الذي ينهش في جسد الأبرياء ومن هذا الضيم لمع الإبداع وتوهجت الكلمات فخرجت إلى النور إبداعات شعرية كبيرة أثرت المشهد العراقي الشعري وأغنت مكتبة الشعر الشعبي العراقي بدواوين وكتابات ارتقت إلى مفاهيم حديثة في التعامل مع هذا اللون الشعبي فصارت هنالك مدارس للشعر بأسماء كبار رواد هذا الشعر في العراق أمثال مظفر النواب ، عريان السيد خلف ، كاظم إسماعيل الكاطع، جودت التميمي ، كاظم الرويعي ، ناظم السماوي ، والشاعر الغنائي الراحل زامل سعيد فتاح الذي اعتلى صهوة الإبداع في هذا المجال وأوصد الباب أمام الكثير من الشعراء عندما كتب بفطنة وحس استقرائي للحاضر والمستقبل العديد من النصوص الغنائية التي صاغ ألحانها كبار ملحني الأغنية العراقية أمثال: محسن فرحان ، كمال السيد ، طالب القرغولي، محمد نوشي ، وصدحت بها حناجر عمالقة الأغنية السبعينية، ياس خضر، فاضل عواد، حسين نعمة، سعدون جابر، فؤاد سالم، قحطان العطار، وغيرهم، كانت سبعينيات القرن الماضي مرحلة خصبة في المجالين الأدبي والفني وانتعشت فيها الحركة الأدبية والفنية ونشط فيها المسرح والأغنية وقدمت اعمالاً راقية ورائعة وإبدع الفنانون في المجالات الفنية الأخرى إبداعات لاتقل عن ما أنجز في مجال المسرح والأغنية والشعر المغنى وهي مرحلة تكاد لاتشبه المراحل والحقب الطويلة التي مربها العراق رغم ان المتسلط آنذاك لا يؤمن بوجود الآخر وقد وضع الفنانين والأدباء والكتاب والشعراء تحت المراقبة، لذا كان الإبداع وكانت السبعينيات مرحلة ذهبية وكان فرسانها في كل ضروب الأدب والفن علامات فارقة في تاريخ العراق المحمل بالأحزان والحروب وبضاعة شحيحة من الفرح والإبداع.. إن الشاعر الراحل زامل سعيد فتاح ذلك الاسم او الشاعر الذي ما ذكرت الأغنية العراقية في عصرها الذهبي إلا و ذكر معها وما ورد اسمه في حديث او بحث او موضوع إلا وتسارعت إلى الذهن عيون قلائده التي طوق بها جيد القصيدة الشعبية والأغنية العراقية في مرحلة من أخصب مراحلها، توفي الشاعر زامل سعيد فتاح  في أواخر عام 1983 ليبقى بعد ذلك اسماً خالداً في ذاكرة الشعر الشعبي العراقي.

قد يهمك أيضاً

استضافة وتصميم: شركة المرام للدعاية والإعلان