ثقافة شعبية

«إذا ضاقت نفسك أذكر أيام عرسك»

يستذكر المعمر الحاج بهلول الشعلان 88 عاماً الذي يسكن مدينة الشعلة أيام شبابه الاولى عندما فكروالده الذي وصل الى بغداد ليسكن فيها بعدما كان فلاحاً يملك ارضاً في منطقة علي الغربي في محافظة ميسان ان يزوجه من احدى قريباته كان ذلك عام 1953 ، عندما وصل موكب العروس يحملها لوري مخصص لنقل « التبن» بسبب غلاء النقل  واسعار التاكسيات  في منطقة علي الغربي وبعد وصولها الى دارنا في منطقة « العاصمة » التي تقع خلف السدة استقبلتها والدتي لترحب بعروسي ووالدتها وكان خجلي وحيائي قد منعني ان ادخل الى « الجمالي » الصغير الذي وضعوها فيه وبعد ليلة من ذلك جرت مراسم زواجي لادخل في مساء اليوم التالي عليها وهي داخل « كلة بيضاء » وبعد أن اتممت والدتي زغاريدها رفعت باب « الكلة » لافاجأ بفتاة لم اشاهدها في حياتي وقد اطرقت بوجهها الى زاوية السرير خجلاً لاقول لها..

 كاظم لازم 

 
” الله يحييك” فردت بصوت مبحوح ” هلة بيك” قلت لها: أنت هيلة 
لترد بسرعة ” انت بهلول” 
وبعد استغراق لذيذ من الحاج شعلان اخبرنا انه انجب من (هيلة) اربعة ابناء وثلاث بنات تزوجوا جميعاً حتى اصبح بيته الان يعج بالاحفاد. فيما اختلفت حكاية فتاة الجامعة نسرين عبد الوهاب 27 عاماً والتي تسكن منطقة زيونة عندما دفعتها عواطفها الجياشة نحو زميلها في الكلية بعد قصة حب دامت عامين لتنتهي بزفافها اليه.
نسرين استذكرت ليلة الزفاف قائلة :
كانت ليلة لاانساها ما حييت فالقاعة الكبيرة التي اقيمت فيها مراسم العرس اكتظت بالاقرباء والاصدقاء ووسط اجواء الموسيقى والغناء كان يجلس بقربي تبادلنا النظرات والدموع معاً ليقول لي ..لم اصدق أن مسلسل حبنا الطويل قد وصل الى حلقته الاخيرة . وفي ساعة متأخرة من الليل اقلتنا سيارة شقيق  العريس الى بيت الزوجية الذي صار طريقا طويلاً رغم مسافته التي لاتتعدى مئات الامتار وبعد دخولنا الى غرفتنا شعرت بسعادة لاتوصف استذكر فيها زوجي أيام علاقتنا الاولى وكم سهر الليالي وهو يتمنى أن يتعرف علي وسط حشد الطالبات  والطلاب .
طلب مني بعدها أن اخلع بدلة عرسي وان اغسل وجهي الذي تكاثرت فوقه اصباغ المكياج الذي سال بعضها فوق البدلة لتطرق والدته الباب حاملة صينية تحمل عشاءنا الاخير من حياة العزوبية.
 
تقاليد وعادات
يمتد تاريخ الزواج بين بني البشر كما يقول علي الشيخ جودة الذي يدير مكتباً لعقود الزواج الشرعية في منطقة العبيدي شرقي بغداد الى عهد ادم وحواء حيث رسما ملامح اول زواج شرعي في تاريخ البشرية فطرق الزواج تختلف من عصر لاخر وتطورت بتطور المجتمعات حيث ساهمت الاديان ومنها الدين الاسلامي بوضع اسس وشروط لابد من توافرها في كلا الجنسين ليتم الزواج بينهما فالعملية تبدأ عند الاهل في البحث عن الزوجة المناسبة وفق ما يناسب وضعهم الاجتماعي والمعيشي ليقوموا بخطبة الفتاة . ويمضي متابعاً ..
وقد تطور الامر خلال السنوات الاخيرة فقد اضيفت عملية اختيار جديدة الى جانب الزواج التقليدي وهوأن يقوم الشاب والفتاة بالاتفاق مع بعضهم قبل أن يقدم الاهل بخطوة الخطبة وهذه العملية قد تاتي من خلال تواجد الاثنين في مكان عمل واحد او مكان دراسة واحد واحياناً يتم التعارف عبر شبكة الانترنت، حيث توجد في العديد من المواقع صفحات خدمة للباحثين والباحثات عن شريك العمر. ويسترسل صاحب المكتب الشرعي مضيفاً ..
فبعد عملية الاختيار يتم الاتفاق على المهر بعد موافقة عائلة الفتاة المبدئية على طلب عائلة الخاطب، حيث تذهب ام الخاطب او احدى قريباته مع جمع من النسوة ليطلبن الفتاة وبعد ان يتم الترحاب والتاييد تبدأ عملية موافقة والد الفتاة الذي قد يكون له رأي مخالف للجميع . وفي حالة حصول القبول يحضر الخاطب مع أهله او اقربائه للاتفاق على المهرين المؤجل والمعجل وبعد أيام يرسل الخاطب مبلغاً من المعجل يوضع في منديل لتتم عملية تجهيز الخطيبة بمتطلبات عش الزوجية. وقبلهما يقرأ ” السيد” سورة الفاتحة وبعض السور القرآنية ليبدأ تلقينهم بمحتوى عقد الزواج. لتلفظ بكلمات القبول وبعد الانتهاء من كلمات الاستنطاق والتلقين يتم توزيع المأكل والعصائر على الحاضرين في الخطبة لتبدأ بعدها الزغاريد والتهاني.
 
ليلة الحنة
الباحثة الاجتماعية حليمة جواد تحدثت عن تفاصيل هذه الليلة قائلة ..
بعد الانتهاء من عقد القران يتم التحضير لليلة الحنة وهي عادة ماتكون ليلة الخميس حيث تقام الحنة في بيت العريس والعروس في آن واحد ففي بيت العروس تتم دعوة اهل العروس وقريباتها وصديقاتها والجيران  حيث توقد الشموع في ” الصواني” وتثبت اغصان الياس”.
بعجينة الحناء كما تحوي صينية العروس اواني صغيرة تملأ ” بالملبس ” وفي هذه الحفلة يقدم العشاء لتشارك صديقات العروس بوضع الحنة  في ايدي العروس وترديد الاغاني الخاصة بالمناسبة اما ليلة الحنة في بيت العريس فتضيف الباحثة قائلة .. هي تشبه حفلة حنة العروس ولكن بدون شموع وصواني وانما يكتفي الحاضرون بالعشاء وتوزيع الحنة على المدعوين  يغمس اصابعهم فيه لتتم بعدها احتفالية صغيرة يكون فيها الغناء وعزف الموسيقى قاسماً مشتركاً يميز هذه الليلة عن سواها.
 
ليلة الزفاف
ليلة الزفاف هي من الليالي التي تظل لحظاتها التاريخية محفورة في ذاكرة العريس والعروس بشكل خاص هذا ماقالته التدريسية ام جعفر حيث اضافت..
تبدا مراسيم ذلك اليوم وتلك الليلة منذ الصباح فالعريس بعد ان يتاكد من اكتمال غرفة عرسه وتفاصيلها الصغيرة والكبيرة يتهيأ بالذهاب للحلاق الذي يترك زبائنه للاهتمام به يرافقه اصدقاءه والمقربين منه الى حمام السوق لغرض ازالة كل اثار وبقايا ايام  العزوبية. وقبل ساعات من ليلة الزفاف  تبدأ ” الزفة” من بيت العروسة الى بيت الزوجية ترافقها في الكثير من الاحيان والدتها وبعض النسوة من اقاربها وصديقاتها ولاتخرج العروس من بيتها الى بعد ان تكتمل زينتها لتصعد السيارة التي حضر بها زوجها وهي تتعثر بثوب زفافها الابيض الطويل لتلقي عليه التحية . وبعد أن يتوقف موكب السيارات الطويل امام  بيت العريس تستقبلهم الزغاريد والاطلاقات النارية.لتبدأ مراسيم الزواج المعروفة التي يحضرها البعيد والقريب من اهل العريس وبعد مراسيم العشاء تتم عملية ” زفة العريس” الذي يدخل باب غرفة عرسه وسط الاهازيج والدعوات يفتتح بابها الذي يجد خلفه وجها جميلا يبتسم بخجل ليغلق الاثنان بابهم راسمين ملامح حياة جديدة.
 

قد يهمك أيضاً

استضافة وتصميم: شركة المرام للدعاية والإعلان