تعتبر الاهزوجة الشعبية (الهوسة) فنا من فنون الادب الشعبي ولونا خاصا من الوان الشعر الشعبي وتكون وليدة الحدث سواء في الافراح او الملمات، وقد اختص عدد من ناظمي هذا النوع من الشعر بقوة الديباجة وروعة الصور التي تجسد الحدث، ويلقي الشاعر الذي ينظم هذا النوع من الشعر الذي يطلق عليه اسم ”المهوال“ هوساته التي تثير العزيمة والاحساس في نفوس ابناء عشيرته وقد اشتهرت بعض هذه الاهازيج واصبحت على لسان الناس يروونها خاصة في ثورة العشرين وكانت تفعل في نفوس العراقيين فعل السحر، فتثير فيها عواطف النخوة والغيرة.
اهم الاخبار
ثقافة شعبية
(عفيه ابني الجاتل جتاله) … الاهزوجــة للجيـش فـي التـراث الشعبـي
- 30 ديسمبر, 2013
- 37 مشاهدة
كتابــــات
وقد كانت قصيدة الشاعر الكبير محمد مهدي البصير (رحمه الله) التي القاها في ثورة العشرين وانتقلت الى كل المدن العراقية مثل النار في الهشيم”لبيك يا وطني “ هي المحرك الاول لانتشار الاهازيج في تلك الثورة والتي يقول فيها:
ان ضاق يا وطني علي فضاكا
فلتتسع بي للامام خطاكا
اجرى ثراك دمي فان انا خنته
فلينبذني ان ثويت ثراكا
بك همت بل بالموت دونك في الوغى
روحي فداك متى اكون فداك
ان قصيدة الراحل محمد مهدي البصير اججت المشاعر في ثورة العشرين لذا وجب علينا ان نقدم بعض ما قيل قبل وفي هذه الثورة من خلال كره العراقيين للاحتلال وحبهم لوطنهم والتضحية بالغالي والنفيس وهذه بعض النماذج من هذه الاهازيج وما تحتويه من قوة المعاني والصور الجميلة التي تعبر عن الحدث.
فعندما ضغط الهجوم على العارضيات قال الشيخ شعلان ابو الجون رحمه الله هذه الاهزوجة:
بي خير او يجثر عسكر وريلات
اسواريه اوبياده وفوك طيارات
بعزم الله وعزم حيدر ابو الحملات
يتوزع وطروح انشيله
وقالت احدى النساء العراقيات عندما شاهدت ابنها وقد طعنه جندي انكليزي بحربة بندقيته ولكن ابنها عض الجندي من لوزته حتى ماتا سوية فانشدت هذه الهوسة الرائعة:
(عفيه ابني الجاتل جتاله)
وهذه عراقية اخرى شاهدت ابنها شهيدا مرميا على الارض فهلهلت وقالت اهزوجتها مفتخرة باستشهاده:
(كل جابت خابت بس انه)
اما الشاعرة العمارية ”انجيده“ فقد قالت تخاطب ابنها الشهيد وهو شاب لم يتجاوز الثامنة عشر من عمره ولم يمض على زواجه سبعة ايام:
(عربيد ابن امك يالهيبه)
ولما اراد الانكليز ارسال نجدة عسكرية من الناصرية عبر نهر الغراف الذي يمر باراضي السعدون تصدت عشائر المنتفك للانكليز واشتبكت معه في قتال عنيف انتهى بانتصار المنتفك وتدمير النجدة الانكليزية فانشد مهوال المنتفك مفتخرا:
(شرناها وعيت باهيزه)
وباهيزة منطقة جرت فيها احداث المعركة وهي تقع شمال الناصرية والمقصود في هذه الاهزوجة اخذنا رأي المنطقة والارض في عبور الانكليز فرفضت ذلك الرأي وهو من باب التندر طبعا.
وعندما اراد القائد الانكليزي (هاملتن) الهجوم عليهم قال شاعر من (آل ازيرج) مخاطبا القائد الانكليزي:
ذوله افروخ ازيرج موش اهل لملوم
يهاملتن تأدب لا تزومش دوم
بالسنكي معاك نريد نصفه اليوم
رد لا تتدهده بحلك آفه
وعندما اصبحت جثث الانكليز منتشرة في العراء واصبحوا طعاما لبنات اوى قال المهوال محمد آل صيته:
واوي الكوت متفي او متمور
يكول الشهل ربيعه اشكثر بيه اكسور
وواي العارضية ايكله من ياخور
يتكلب وهله يندهونه
هذا وقد خاطب شعلان ابو الجون رجاله الذين يحرسون جسر السوير ويهيمنون عليه:
اكلن لج يجامعة الحسن عيناج
فن كوكس اوديلي ابعسكره يدناج
كون اهلج جفوج احنه بطرف جيناج
خل يا من كلبج يرعيعه
وعندما هاجم ابو الجون القوات الانكليزية في الرميثة قال
(حل فرض الخامس كوموله)
وعندما اسقط الثوار طائرة انكليزية قال شاعرهم:
(يل ترعد بالجو هز غيري)
اما الشيخ شعلان العطيه الذي كان يعاني من رعشة في رأسه استهزأ به احد قادة الانكليز وسأله لماذا انت ترتعش؟
فاجابه الشيخ بعد ان انقض عليه هو وافراد من عشيرته واردوه قتيلا هو ومن معه فهوس الشيخ العطيه وكانت اهزوجته هي الاجابة لسؤال القائد الانكليزي:
(ارعش ما ارعش هذا انه)
وهذه الهوسة تشبهها هوسة للشيخ عبدالواحد الحاج سكر من شيوع آل فتله في الثورة العراقية:
(تندار الدنيا وهذا انا)
اما الشاعرة افطيمة من عشيرة الظوالم سألت اخوها عن ابنها فاجابها بقوله:
(جن لا هزيتي اولوليتي)
فهمت مقصد كلامه بان ابنها قد استشهد فاجابته بقولها:
(هزيت ولوليت الهذا)
وهي تقصد بقولها لهذا اليوم.
اما الشاعرة عفته بنت اصوليح من عشيرة الازيرج اسر العدو ولدها وقد مروا به عليها فلما شاهدته خشيت ان يناله الجبن فافهمته بالهوسة:
(بس لا يتعذر موش انه)
لكنه اجابها بقوله:
(خلوني بحلكه وكلت انه)
ويقصد انه وضعوه في فم المدفع ولكنه لم يعترف على اصحابه وهذه بعض الامثلة الجميلة لهذا اللون البديع من الادب الشعبي منها هوسة للشيخ عجمي السعدون:
غداي الماطلي لو ثار طريت
ثمل لو دخن البارود طريت
انا سن البحر للميل طريت
خل الطك للصد يالبيضا
وللشيخ مبدر الفرعون من شيوخ ال فتلة اهزوجة رائعة يقول فيها :
ما تنداس ثايتنه وحدنه
المبر د ما يحث بينه وحدنه
نشك اشكوك ونخيط وحدنه
شك ماي يخيط شكينه
اما الشيخ حسن العذاري الحلي فقد قال:
حدن لي بكل الناس والشر
ولا تتبع حجي النمام والشر
احنه اللي بحد الموت والشر
والموتة بكل عز نشريهه
وهناك اهازيج ضاعت مقدمة الاشعار وبقيت جملة التهويس مثل الطوب احسن لو مكواري، تندار الدنيا وهذا انه، اتشيله العبطه وديجته، رد فالتنه اعتازيناها، مشكول الذمة اعلة الفاله، ينكله الصوجر وحنه وياه، بالمايتكايش ذب روحه، ملينه من جتل الصوجر، من ذوله تريع واوينه، ودوه يبلعنه وغص بينه، وهناك العشرات بل المئات من هذه الاهازيج الرائعة وذات المعاني الرائعة والبليغة في مضمونها وقد خاطب احدهم الشيخ خزعل امير المحمرة بقوله:
حرب ادول يا خزعل ماهي درنكات
وخلهه لبو مطشر خلفه الباشات
تراهم صبايا تكسر الجيمات
اسأل قنصلها اشسوينه
اما الاهزوجة الرائعة والتي بقيت خالدة حتى يومنا هذا وهي عبارة عن تحدي الرجل الذي يحمل عصا وبرأسها المطلي بالقار للمدفع ومن ثم استيلاءه على المدفع وسحبه الى جهة الثوار فهزج اهزجته الجميلة”الطوب احسن لو مكواري “
هذا وقد خاطب احد المهاويل القائد الانكليزي برسي كوكس ويقول له اننا نطالبك بثأر منطقة الشعيبة وثأر العارضيات واننا سوف نعمل يوما في مدينة السماوة تفرح به اميركية، كون ان بريطانيا في ذلك الوقت ال**** الاستعمارية الكبرى ويطلق عليها الامبراطورية التي لا تغيب عنها الشمس فكانت هذه الاهزوجة ذات المعاني البليغة:
يكوكس وين وجهك جوك اهل لملوم
تطلبك بالشعيبة وعرضيت اليوم
لابد ما نسوي اعله السماوة اعلوم
تستانس بيه حتى امريكه








