رائد الاسدي
في زمن تكثر فيه الاسماء ويقل الشعر، ويتعالى الصراخ على المنصات الذي اسس له النظام المقبور واصبح جزءا من ثقافة البعض، وجعل الكثير ينظر الى الشعر الشعبي او العامي نظرة دون المستوى الثقافي، ولا سيما عدم امتلاكه لادوات الشعر والابداع مقارنة بالاجيال التي اسست للشعر الحديث وطريقة بناء والقصيدة وتركيبتها وترافتها من خلال استخدام المفردات غير الجارحة او القاسية التي كانت لها فترة لابد من استحدامها , وهذا يجب ان نضعه على طاولة التحليل العلمي ومناقشته ومعرفة اسبابه بشكل مادي وواقعي ملوس. اذا هو سؤال يدور عن اللغة وبناء القصيدة العامية فالسؤال لماذا ضعفت الادوات واصبح مفرات مخيفة تستخدم بالشعر مثل الصعن بالحنجر، واستخدام السيف والدم وكسر الضلع والخ..؟ واستنساخها بين الشعراء كمفردات على الاقل.
كل العوامل التي مر بها البلد واثرت على المجتمع ادت انعكاساتها ايضا على الشعر العامي وانا اقول عامي او عراقي لان الشعر هو فوق اللغة واللهجة، ومفهوم الشعبي بالنسبة لي هو اجمل انواع الشعر لانه يصل الى الشعب او الشعوب ويحفظه ويتناغم مع احاسيسهم، او يعبر عن مصالحهم مثلا عندما يتناول الناس قصيدة للجواهري او للسياب او للشاعر الفلسطيني محمود درويش او للماغوط لا بل حتى الشعراء الانكليز او الاجانب هو شعر شعبي خالص مبثابة رسالة واعية قدمها الشاعر
نأتي الى ديوان الشاعر ادهم عادل الاول الذي اصدره مؤخرا ويحمل اسم قصيدته “ضوه بسرداب” وهذا التناغم الشعري الجميل الموجود في قصائده والوجع الانساني الذي يرسمه الشاعر بطريقة واعية في قصيدة ضوة بسرداب هو يتكلم عن معاناة اكثر الناس ويعاتب من اول خيط في النشأه
من اول خيط يعد روحه
عال شباج
لوشالة ضوه بسرداب
ويه الوجع عندي عتاب
طفيت الحرك بالروح
وشرعت العمر بستان
رجيته اعلى طين الهور
ما شوفته صم تراب
وخيمت السنين اللبستهن ثوب
وبيهن دورت عن جيب ما مفتوك
ضميت النسيم الهاب
وما خليت شكـَ بباب
ومدري شلون طبت ريحة العطاب
وفتح باب وغلكـَ باب
وغلكـَ باب وفتح باب
والكـَي الروح كسرة خبز
مشي بواهس متيهين
ما اعرف منيتي منين
بس ريحة دمع شميت فوك الطين
.. لحكـَــته
ووجدت بالدرب خوش صواب
خليته بشليلي بليل والهث خوف
والكـَمرة وحش والنجم لمض نياب
والريح التعت بثيابي جف ثياب
وطكـَ ثيل بياض براسي جان
من الحزن يحلم يلبسه غراب
بهذا الحوف والوهواس
وبس ضنوني تمشي وياي مامش ناس
لكـَـيت الشجره كـَـبعت روحها من العيب
وكَـصايبها الخضر من خط عليها الشيب
شما رادت تضمها يكّـصها جف حطاب
وطحت جلمه غريبه
بلا شكل لا لون مدري بيا طواري انجاب
لا آنه بكفر والسكر تالي الليل
ولا دعوه بفجر وطلع من المحراب
ولا ارهم شعر ويخطني شاعر شاب
ولا تيهت روحي روحي بهيمة الجذاب
ولا بيه عشكـَـ وانحجي بخلوة شوكـَـ
ولا غيبة نثاية بسالفوة شياب
افتح باب وغلكـَ باب
وضميت العمر جوه الضلع عصفور
من شفت السما فرعت كبل الناس
والمطره جمر والغيم يحجي بواهس االتنور
ومن شفت الوكت يسمع غنه الدفان
ويكسر حجل بنت الولايه الجان
فوكـَـ خودها يغني السمار
بطور احن من طور
ومن شفت الطفل مهزوم من العيد
ويسحل ورهثيابه خويطره المكسور
أنه جافل كـَـبل مابيه تندك باب
وشلت خوفة نهيبه بعمر تسع شهور
الم عل الجرح شيله بشعر مبخوت
وبانت من وراها ظفيرة البلور
اطش عمري بوكت مالكـَـه الطايح كـَـاع
وما رت العمر بس من صرت مجبور
واصفن عال صبا الخلصته دمعه بعين
ونشد علكـَـ بيد الما يحب يزور
أنه ديرة وجع بس ما حظيت بناس
وأنه دفنة ولف بس ما لكيت كـَـبور
رجف كـَـلبي بوكت جانت الدنيا بخير
ثكـَـيله وبت مضيف ومو بطيش ادور…
واعطش مثل نثيه وفزت بكابوس
رغم نايم جنت وبحضني نايم هور .
وفي هذه القصيدة نلتمس الوعي والادارك الحقيقي للشاعر وما يعانيه البشر من ظلم وحيف والخضوع الى منظومة الخوف التي اعتادها المجتمع بشكل عام وايضا الاحداث المتراكمة من صراع وتهميش ووصول الى ان يؤكد الشاعر نحن مجبورين على هذه الحياة ولو كان بأيينا شيء لغيرنا او نرفض الحياة والخوض في صراعها فهنا يبن علامة يئس الانسان وتفكيره بالاستسلام في بعض الاحيان .
وفي قصيدة “جنازة شعر” نرى ايضا وجع من نوع اخر
شما اكتب قصايد خاطهه من الروح
وبعد بيه وجع بالشعر ما مگيول
وحكَ كل دمعه سمره مرافگه الجناز
ووحكَ كَاع النجف من تشتهي المكتول
أنه ملبس دموعي بتوت للمعدان
وحسراتي نثايه ولابسات حجول
شما گول المصايب كبرن اعلى البال
ارد واصفن عليهن بعد بيهن طول
أنه جنازه شعر بشفايف الخرسان
وأنه شوغة هزيمه بطارف المشلول
يموت البس تصد للعنده سبع اطفال
خايف ما تصدلي وخاف عمري يطول
اشتهيت اشتم عرگ من كصة الدفان
ونويت انشد نعش فوگ الجتف محمول
طلگت الگصيبه التنظفر بالطين
ومشيت انحر الصحره واظفر العاگول
يشتمني الحزن لو روحي اضمها بطيف
فلاح ويشم عطاب بالمحصول
احب ابچي بستر بس المصيبه شلون
أنه همومي غجر والدمع دگ طبول
تره الضحكه الغميجه تريد راحة بال
ميچودر ضحك بشفايف المذلول
عفت شهگة اللهفه بختلة العرسان
وطلعت اتمشه شهگه برية المسلول
أنه شايل وجه ميلوگ للبطران
ويگعد للثكاله فصال عرض وطول
يالماشي اعلى گبرك اخذ عمري وياك
تره بذمتك شبابي العشته ظل مشكول
ظل واگف بعيد وگلي موتك ذاك
واگلهم آنه جيت وانته ما مسؤول
هناك عملية احتجاج على الحياة ويأس واضح نعم انها تخلو من المعالجات ولكن جاءت عن لسان حال المضطهدين وليس المضطهد الفقير انما الذي لايستطيع التعبير عن الرأي ولا يمارس ما يقتنع به بحرية وبدون اساءة , ايضا هناك انتقاء مفردات وادوات شفافه يستخدمها الشاعر مثل الضفيرة والطين والخ من مفردات تستحق ان تكون هي ادوات الشاعر الحقيقي بعيدا عن المفردات الخشنة ولغة العنف , عندما يقسم بالدموع السمراء هنا ايحاء واضح للوجع العراقي اذا ان الشاعر ادهم عادل في ديوان الاول كان موفقا في ان يطرح قضايا الناس بطريقة غير مباشرة ولو انها تخلو من الامل نوعا ما.








