ثقافة شعبية

جمعية الشعراء الشعبين و الانقلاب العسكري … ذكريات عن المرحوم الشاعر العامي «كاظم الركابي»

داود سلمان الشويلي

 
تعرفت على الصديق الشاعر العامي العراقي الكبير المرحوم كاظم الركابي منذ فترة الصبا ، وفي سنة 1988 – 1989 وكنت ضابط مهندس في قاعدة علي بن ابي طالب الجوية التقيت به بعد سنوات من الانقطاع حيث اخذتني العسكرية في محطاتها ، فدعاني الى جمعية الشعراء الشعبيين فرع ذي قار وكان هو رئيس الهيئة الادارية ، وهناك التقيت بنخبة من الاصدقاء الشعراء ، اذكر منهم ان لم تخني الذاكرة: الشاعر ابو سعدون ( شاعر يكتب على الاسلوب القديم)، الشاعر ابو شمم ( رياض محمد) ، الشاعر كاظم عبد المهدي ، الشاعر كاظم العسكري (شاعر يكتب على الاسلوب القديم ) ، وغيرهم.
 انتميت للجمعية ، اذ كنت اكتب الشعر العامي ونقده ودراسات عنه ،وبعد فترة قصيرة جرت انتخابات هيئة ادارية جديدة ، فرشحت انا والرائد كاظم عبد المهدي وابو شمم وفزنا في الانتخابات اضافة للزميل كاظم الركابي والشاعر ابو سعدون ( من الجيل الاقدم منا ) ،عندها اخذ شعراء الجيل القديم (  شعراء القصيدة القديمة) يقولون عن الانتخابات : ان انقلابا عسكريا حدث في الجمعية ، لان ثلاثة من خمسة من اعضاء الهيئة الادارية هم عسكريون ، انا وكاظم عبد المهدي وابو شمم
***
صدرت قبل ايام للمرحوم الشاعر كاظم الركابي مجموعة شعرية بعنوان ( مناجل ) اذ طبعت تحت اشراف ابنه الشاعر نبيل الركابي، و صمم غلافها الفنان كمال الخفاجي .
والمرحوم الشاعر كتب القصيدة العامية الحديثة منذ ستينات القرن الماضي ، وكان من روادها المعروفين مع الشعراء شاكر السماوي، عزيز السماوي، طارق ياسين ،علي الشباني واخرين  من شعراء القصيدة الحديثة ، وهو صاحب كلمات اغنية ( يا نجمة ) و (راحن وانكظن) و  الانشودة العظيمة : ( احنا مشينا للحرب ) وغيرها.
( احنا مشينا للحرب ) كتبها الشاعر لا ليمجد الحرب، او يتغنى بها ، وانما كتبها  لانها – ان كانت دفاعية او هجومية – تقتل الطفولة فينا، والمشاعر والاحاسيس ،وكل شيء جميل :
* (احنه مشينه للحرب 
عاﺸﮓ يدافع من اجل محبوبته ..
احنا مشينه للحرب …
وهذا العراقي من يحب …
يفنى و لا عايل يمس محبوبته .. 
احنه مشينه للحرب 
حتى الوطن سالم يظل لجيالنا
لجل الطفولة واللعب ما تحترك يوم بلهب عدوانا
احنه مشينه للحرب 
حتى الورد ما يختفي من ربوعنا).
***
ومن القصائد المعروفة للمرحوم قصيدة ( اشلونكم) ، وهي قصيدة حبيب يسأل حبيبته ، وفي الوقت نفسه هي قصيدة لوم وعتاب لجهة سياسية انتمى لها الشاعر ، فتأتي تساؤلاته حارة حارقة عن المستحة ( الحياء ) ، وتسأل عن ( الوفاء) تلك الصفة الاخلاقية التي عند تضافرها مع ( المستحة ) فانها ترسم لنا انسانا كاملا  لا تشوبه شائبة في اخلاقه ، انسان يعتمد عليه.
* ( شلونكم؟؟
شلون لون المستحه البوجوهكم
مثل الاول ، لو خبط مايه وتغير لونكم
جنت اشوف الشمس تطلع مرتين
مره من حظن السما..
ومره تطلع من اشوف اوجوهكم
شلونكم
شلون حال الوفه بين عيونكم
تربي لو عافت سججنه
انه بعيوني اشك ولا اشك بعيونكم
انه بكَليبي اشك ولا اشك بكَلوبكم).
يتساءل الشاعر عن ( المستحة ) و ( الوفاء ) الذي كان مرسوما على وجه صاحبته او (صاحبه) هل بقي كما كان يعهده ام لا.
وفي نهاية القصيدة يقرر الشاعر معترفا بانه (انه بكَليبي اشك ولا اشك بكَلوبكم).
قصيدة بسيطة الكلمات الا انها مليئة بالصور التي تنقل للمتلقي الاحاسيس والمشاعر تجاه الاخر.
***
وفي قصيدة اخرى يخاطب الشاعر فيها القيادي الشيوعي السوداني عبد الخالق محجوب الذي اعدم بعد انقلاب هاشم العطا عام 1971، في قصيدة (اغاني الى عبد الخالق محجوب) قائلا :
* (حبيبين
كانوا بقلبي حبيبين
واحد بهاي العين اضمّه
او واحد بها لعين
وكانت الغيره …توج مابين الاثنين
شرت قلبي
الكيت قلبي ايودي دمه اعله اليسار
وما ايودي اعله اليمين).
في هذه القصيدة تتوضح افكار الشاعر اليسارية التي قالها من خلال صور القصيدة التي جاءت ببساطة كلماتها، الا انها عميقة في رسم صورها.
***
رحل عنا الشاعر المقتدر ، والانسان الهاديء والطيب ، الانسان الذي جاء ديوانه ( سنابل ) بما يضمه من قصائد ليؤكد ان الشاعر ما زال ينبض بالحياة بيننا نحن محبيه ، ومن المعجبين بشعره.

قد يهمك أيضاً

استضافة وتصميم: شركة المرام للدعاية والإعلان