حامد كعيد الجبوري / الجزء الثاني
• أهازيج الثورة :
لا أدخل بآليات صناعة الأهازيج وشرحها وسنذكر قسما مشهورا من هذه الأهازيج ( بس لا يتعلك بأمريكا ) ، ومفادها أن قسما من الشيوخ أرادوا أن يستنجدوا بقوات أمريكية وحال الثوار دون تلك الرغبة ، ولكن ما حصل أن قوات الثوار تكبدت خسائر كبيرة في المعارك فقال مهوالهم ( كطان أحميد صرت آنه ) ، وحميّد هذا سماكا يرمي شباكه فأصطاد كما يظن سمكة كبيرة ( كطان ) ولكنها كانت صخرة علقت بشباكه ، بمعنى أننا لن نحصل على النجدة الأمريكية كصاحبهم ( أحميد ) .
( هز لندن ضاري وبجاها ) ومعلوم أن الشيخ ضاري قتل القائد لجمن فقيلت له هذه الأهزوجة .
( بلشها ونام أبسردابه ) قيلت بعد أن توفى أحد رؤساء القبائل وكانت الطائرات التي تشترك لأول مرة ضد الثوار لذا قيلت هذه الأهزوجة ودلالتها أن شيخهم تركهم وهم بحاجة له .
وقال مهوال آل أزيرج مخاطبا القائد البريطاني ( هملتن) عندما أراد الهجوم على عشيرته :
ذوله أفروخ الأزرج موش أهل لملوم
يهاملتن تأدب لا تزومش دوم
بالسنكي نريد أوياك نصفه اليوم
( رد لا تتدهده أبحلك آفه )
وخاطب المهوال محمد آل صيته عشيرته وهو يشاهد بنات آوى يأكلن جثث الجنود الأنكليز :
واوي الكوت جايع وأعتنه متمور
يكول أشهل الربيعه أشكثر بيها أكسور
واوي العارضيه أيكله من يا خور
( يتكله وأهله يندهونه )
ولعل من أجمل الأهازيج ما قاله شعلان أبو الجون مخاطبا أفراد عشيرته وهم يحرسون جسر ( السوير ) ويدافعون عنه ، وهو يعلم أن النسوة يخفن شن الهجوم المقابل الانكليزي فقال
أكنللج يجامعة الحسن عيناج
فن كوكس وديلي أبعسكره يدناج
كون أهلج جفوج أحنه أبطرب جيناج
( خل يامن كلبج يرعيعه)
والرعيع : الخائف
( يالترعد بالجو هز غيري )
قالها الثوار بعد أسقاط طائرة بريطانية .
( تندار الدنيه وهذا آنه ) هذه الأهزوجة للشيخ عبد الواحد الحاج سكر.
وللشاعرة ( أفطيمة ) من عشيرة الظوالم أهزوجة جميلة فحين عاد أخ لها من المعركة سألته عن أبنها فقال لها ( جن لا هزيتي ولوليتي ) بمعنى أن ولدها قد أستشهد فأجابته على الفور ( هزيت ولوليت الهذا ) بمعنى أني ادخرته لهذا اليوم ، يوم القتال ، وامرأة أخرى شاعرة أسمها ( عفته بت أصويلح ) أسر البريطانيون ولدها وخشيت من أن يتعذر من فعلته وحمله البندقية مع الثوار وهو مار عليها مقيدا أسمعته ( بس لا يتعذر موش آنه ) بمعنى أني لست من ثار ضدكم ، فأجابها ولدها ( حطوني أبحلكه وكت آنه ) أي أنني وضعوني بفم الموت ولم أعتذر عن فعلتي ، وأخرى توفى زوجها وهو من عشيرة أخرى فعادت مع وليدها لأبيها ، وتربى الولد مع أخواله وحين بلوغه مبلغ الرجال تفجرت ثورة العشرين ، فشق على الشاب أن يقاتل مع أخواله ويترك أعمامه ولكن أمه أرغمته على البقاء مع أخواله حفاظا عليه كما تعتقد ، وحين تلاحمت قوات العشائر مع الانكليز وعرف الجميع ذلك قالت الأم مخاطبة ولدها المقاتل الغائب ( بس لا ما يتنخه أبخاله ) ، وفعلا لم يستنجد ذلك الشاب بخاله وأستأذنه باللحاق مع عشيرة أبيه وكانت له صولات تذكر .
وللشيخ ( عجمي السعدون ) هذه الأهزوجة :
غذايّ الماطلي لوثار طريت
ثمل لو دخن البارود طريت
أنه سن البحر للميل طريت
( خل الطك للصد بالبيضا )
وللشيخ ( منذر آل فرعون ) هذه الأهزوجة :
ما تنداس ثايتنه وحدنه
مبارد ما تحت بينه وحدنه
نشك أشكوك ونخيط وحدنه
( شك ما يتخيط شكينه )
ولم تكن الحلة الفيحاء بعيدة عن الأهازيج فهذا الشاعر الشيخ حسن العذاري يقول :
حدنلي أبكل الناس والشر
ولا نتبع حجي النمام والشر
أحنه اللي أبحد الموت والشر
( والموته أبكل عز نشريها )
بعد انكسار عشائر المنتفج بمعركة الشعيبة وهروب الرجال صوب الشيخ ( خزعل ) أمير عربستان ، وكان الشيخ خزعل يسلي نفسه مع مواليه وقام أحد عبيده بالرقص أمامه تحركت دماء مولى للشيخ عجمي باشا من آل السعدون وخاطب الشيخ خزعل قائلا ( أنا عندي ما يرضيك أمير ) وأردف قائلا :
أهي حرب أدول يخزعل ما هي درننكات 1
وخلها لبو أمطشر خلفت البيكات
تتراكض صبايا تكسر الجيمات
( أسأل قنصلها أشسوينه )
1 : درننكات / الطبل / آلة للعزف
وأهزوجة أخرى :
يكوكس وين وجهك جوك أهل لملوم
نطلبك بالشعيبه وأعرضيت البوم
لابد ما نسوي أعله السماوه اليوم
( تستانس بيها حتى أمريكا )
وهناك ملاحظة تدل على الوعي السياسي للثوار فأمريكا كانت تطالب بحرية الشعوب يوم ذاك والأهزوجة معناها أننا سنهزم بريطانيا وتفرح أمريكا بذلك .
انقاتل بالسمه ونقاتل البلگاع
ولا بينه الجبان و لا بنا اليرتاع
واليجفل يخوتي يرخص المبياع
( ها حميّد جينا أنموت اهنا)
وأخرى :
ييت ويبت أخوتي تابع السيرة
ومن اكعد يخوتي تبطل الغيرة
خالي ألما عرفني هاي هالحيرة
( حسباله أتطلب ييت انطيه )
الأهزوجتان أعلاه قالهما ( خيون صبر الدوشان ) .
حين تشييع جنازة الشيخ ( عارف حمد الفهد ) أنبرى ولده الشيخ ( حمد ) هازجا :
ارخصوني عمامي خل اون اعليه
لا بهل الجنوب ولا وسط نلگيه
اهو سور العشيرة وللوزن نرجيه
( الموت من الله الما مر بيه )
وقال :
ريض يل المشيع وين بيه تريد
چا يا هو الأعيده من يجيني العيد
ويا هو يسد مسدك گلي يوم الويد
( يل بين احسابك باطل تحصد بالزينين )
وأكمل قائلا :
يا عارف صدك تجفي وما تشوفك عين
وحاير باليــعوضك گلي اجيــبه أمنـــين
ما ينطـــينه فنتگ ردف طــگ البيـــــن
)ان چان الحگ يتسولف هذا المشرك بالشريان( .
وهناك ( مهوالا ) من سوق الشيوخ يعد أفضل ( المهاويل ) أسمه ( حامد سعدون ) له هاتان الأهزوجتان
لغز يبقى الرجل من يمتلك عگله
لما يحچي اتعرف اشخفة وشثگله
بالك بالسواد اتعير المگله
( ابنار العلية اتچوة وصار اسود لونه )
شوف اشحچت وشگالت الدوده
ادخلوا ابيوتكم والبوب مسدوده
لا يسحگم سليمان وجنوده
( قانون الدوده يبنادم بلكت عدك )
وهناك أهازيج لم يصل منها ألا قفلها ( الهوسة )
( شرناها وعيّت يا هيزه )
و ( هيزه ) منطقة تلال شمال الناصرية حيث قبائل المنتفج ، يقول ( المهوال ) أننا أستشرنا منطقة هيزه بقبول المحتل فرفضت لذا قاتلنا لأجل رفضها هذا .
( من ذوله أتربع واوينه ) قالها أحد المهاويل أمام القائد البريطاني الذي زار العشيرة بعد ثورة العشرين وشاهد القائد كلاب القرية سمينة ومليئة باللحم ، بمعنى أن هذه الكلاب شبعت من جثث قتلاكم ، و ( أتربع ) من الربيع لأن الأغنام يتوفر لها المرعى في الربيع ، وقرن المهوال الأغنام بالذئاب وبنات آوى .
( سوالك مسند تركينه )
قيلت أمام الملك فيصل بمعنى اننا من أوجد مملكتك ببنادقنا التركية .








