عـلي المفوعــــر
فــي قضاء المشخاب التابـع الى محافظة الديوانيــة ومثلما يـنبت العنبـر هناك ينبت الشعراء في بيئـة خصبة لاتفارق أهلها أبيات الأبوذيـة والدارمـي والهوسات في كل المناسبات الديـنية والأجتماعيـة وفـي العام 1927 ولد الشاعرالكبيـر ملا جاسم الشيـخ محمد منـدوب الزيــدي (رحمه الله)فـي عائلة مشـهورة في الديـن والأدب والنـسـب فـوالــده الشيــخ محمد مندوب الزيـدي أحد كبارعلماء الديـن ويكفيــه فخراً وعزاً أن ضريحه الأن في حضرة الأمام علي(عليه السلام) ولشاعرنا هذا البيت من الأبوذية:
أخـذ دفتـر حياتــي بـعجل ورقــه
وترانـي أكبر من النكبات ورقـــه
شـجـر أنا أذا مــاطـاح ورقــــه
أظـل ثـابت جـذر حدر الوطيـه
ومن قصائده وهو يخاطب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(عليه السلام):
معــروف أبو الحملة علــي
ويــــه العــده أملاكاتـــه
أوبيـــه تعـتـرف كل العـده
يــوم الحرب ضـرباتــه
مشــهود أله يـــوم الحرب
تـخشى العرب تحجيـها
يـــوم الـشـدايـد والمحــن
كـل العــده أمبـجـيــــها
تـسمح ألـي يــابو الحســن
لحجايتـي مـن أحجيها
تـحضرني أريـدك بالكبـر
ويـــامه وشـــداتـــــــه
تــوكفلي يــوم محاسبــي
أوسده وحماية تصير ألي
وأنـا أقـــر واعـتــــرف
مامش مثل شخصك ولي
تعـرفــك ملايــكة السما
أوبـلوح أسـمك ياعلــي
أوتدري اليهد لجل المحب
حلوة شكثــر هداتـــه
الطايــع لربـه وملتــزم
تــسهل عليـه ذنـوبــه
وانـا السفيـــنة محمـلـة
ومكلفـة فـــد نوبـــــة
يـاهو الأكصده بشدتـي
مثلـــي تراه أذنـوبـه
وأنـته اليكصدك ياعلي
تـسهل عليـه كلفاتـه
نـشأ شاعرنا المرحوم ملا جاسم الزيـدي بين يدي والده ورعايته الدينية والثقافية التي لايفارقها الشعر الشعبــي والفصيـح وقد دخل ملاجاسـم المدرسة الأبتدائية وأكملها ثم أنـصرف الـى دراسـة الديـن علــى يـدي والـده ومابــلغ 15 ربيــعاً حتــى بدأ يــنظم الشعـر وتـوجه الى المنبـر الحسيـني وفـي المشخـاب تعـرف علـى أول أصدقائـه فـي المدرسة الأبتدائية وهو الشيخ المعروف عبد الزهرة الكعبي (طيب الله ثراه) وجالس كبار الأدباء والشعـراء المشهوريـن أمثال شاعر اللغتيـن الشيـخ حسـون الوائلي وهو والـد عميـد المنبـرالحسيـني الشيـخ الدكـتور أحمـد الوائلـي(طـيب الله ثراه) وقـد أشتـهر الـزيــدي مـنذ أيام شبابــه كقارئ منبر أيام عاشــوراء ومحرم الحــرام فــي عدد مـن المحافظات الى أن أستقر في مدينة الصدر وهو صاحب صوت جميل وأسلوب أدبي مرهـف كما جاء في ديـوانه (علـى ضفاف الفرات) الذي حققه وأشرف على نشــره الناقد والشاعر الكبير الدكتور هاشم الفريجي . بقي الزيدي متنقلاً بين بغداد وكربلاء والمسيب حتى أقعده المرض فكتب متألماً لتركه مجالس عاشوراء :
يـلاهي أنته رجائـي وتــــعازي
وخطاي أنته التصلحه وتــعازي
عكـب ذيـج المجالــس وتــعازي
ألـوذ وتـفتر الدنيــــه عليــــــــه
كلبـي كل وكـت مالوم يــــرحاه
ولا واحد بهاي الناس يــــــرحاه
من غصبن علي كل ساع يرحاه
حليــفه القهـر والونـه الخفيـــــه
بشوغاتي كضه صحوي وبردي
يـدنيــه حدي بـسـيـوفـج وبـردي
الكصب ينحب على حالي وبردي
بـسبب كل الحزن مشـــتول بيـه
ملا جاسم الزيدي شخصية رائعة وقد حالفني الحظ بالتعرف عليـه والتقرب منه وكنت صديقاً له برغم الفارق الزمنــي الكبير بيننا كان (رحمه الله) شبابياً بكل معنى الكلمة لا يمتلك تلك الأنانية المقيتة التي يعاني منها بعض الشعراء القدامى وكنت اقرأ عليه كل ما أنظم وهويــشد على يدي ويطالبنــي بالمزيد رغم أختلال الوزن فــي بداياتــي الشعرية ويبدي رأيـه بمنتهى الذوق والرقة وقـد تشـرفت بالتتلمذ بين يديه وما يميـزه أنــه كتب الشعـر الشعبــي الحديث وعلى أسلوب الشباب على خلاف ما تعـود كتابته للشعــر على الطـريقة الكلاسيكيــة وفــي أحـدى الليالــي وأنا جالــس الى جانبـه فألقى أحدالحاضريــــن بيـتاً قال فيــــــه :
الجـروح تعيــل كامت بالسـجاجــين
بـهـــدوة ليل كلتلها أستـراحـــي
فجاراه الزيـــــــــدي (رحمه الله) قـــائلاً :
يــنبــه كل ذكــي وحســـاس بالحين
تـره نـــور الفجـر لليـل ماحـــي
أطالب بالحقيــقة صار لي سنيـــــن
ولا واحد سـمع صوتــي ونياحـي
نووا طمس الحقيقة أزلام طاغيـــن
وهذولة ما يمض بيــهم سلامــي
عــدواتــــهم ألـــي وألـكم وللديـــن
أستغلوا طيبتي وليني وسماحـي
أنـــخاكــم وأكـلكم نـــطلب بديــــن
أسيوفي مكدسة وترهب رماحي
سمعـنا الحـر طلع يفـزع للحسيــن
هم يـــطلع بعـد حـر الرياحــــي
وقال في الموال :
روحــي سفيـــنة بحر يـمك بكـت شالها
أوبيــها مـن الهموم لتــصدك جبل شالها
نـهلت مـن جـفاك بالله أكعـد ولك شالـها
روحي التــهم بيك وبيــها ماتـهم لحظة
وكلبي بهواك أنفطر عاين عليه لحظة
أعظم ســعادة أله ذاك البهواك الحظه
والمايــشوفك بعد ايــده الـدهـر شالـها
في كانون الثاني من عام2007 أنتقل الشاعـر ملا جاسم الزيدي الى جوار ربه بعد رحلة مـن الألم والشـجـون تـغمـده الله فـي فـسيـح جناتـه .وقــال في أيامه الأخيرة مناجيـاً أباعبدالله الحسيــــن(عليه السلام):
أريـــد أكصد لبـو الســجاد عــناي
وأكله أعـتاب ألـي ويـاك يـحسيـن
أجيـتـك معـتـنـي مالـوم شـــجاي
وأمـشــي أعليـك بدر الهاشمييـن
أوتـــعرفني أكيــد شلـون نعـاي
ألكـم وأخدمتـــكم حفنـة سنيــن
ومـن مســاجلاته مـع الشعراء عنـدما ألم بـه المرض واشتد عليــه وكان يــشتكي مـن عيـنيــه فأرسل بيـدي بيـتاً مـن الأبـوذيــة الى والــدي الشـــاعـر الحاج عـبد الحسـن المفـوعـــر السودانـي(رحمه الله) وقـد وجـدت حينها فـي منزلنا عدداً مـن الشعــراء عبـدالرضا الفـريجي وســالم الكنانـي وريـاض الـــوادي حيث قـال الزيـــــــــــدي :
نــملك ساعــــة الصرنـــــه وعيــــنه
الـزيــدي كـثـرة أمـراضـه وعيـــــنه
أعـرف الصاحب المخلص وعيــنه
دواها اليـــفـتهم معــنى الخويــــــه
فأجابه الشاعرالحاج عبدالحسن المفوعرالسوداني(رحمه الله)..
أنخى الفــوكــــه البـاري وبـــاها
ألي بفضله وملكه الدنيــه وبـــاها
يــــملا دخيـــل بالزهرة وبــــاها
أعيـونك وانته تبره مـن الشجيـــه
وقال الشاعرعبدالرضاالفريـــــــــــجي:
أنيام ومن صدى صوتك وعينه
العلل كثرت على الزيدي وعينه
يلاهي شـد على أحزانه وعيــنه
على البلوه اوعلى هاذي الأذيـــه
وقال الشاعر الحسيني ســـــالم الكناني :
جيت أنشــد على الملا وشـوفــه
وأكله أشـلونها الصحة وشـوفــه
عسـى عيـنه مثل زركه وشوفـه
ويـشوف أبعيـد واليكرب سويـــه
وقال المبدع ريـاض الـــــــــوادي:
شـــخصك لاتــظن واحد يـملا
الشاعـر من بحر شعرك يـملا
أسمعـت عيـنك بها عله يـملا
عساها من الألم تصبح بريـه








