كاظم السيد علي
الهوسة تركيب شعري يجمع بين الكثافة والبساطة في التعبير وسرعة البديهية فهي من مأثورات شعرنا الشعبي ، مارست الهوسة فعلها ، وقد ادت دورها في كل الادوار التي مرت بعراقنا الحبيب حتى يومنا الحاضر .
لقد لعب شاعر الهوسة (المهوال ) دورا تحريضيا وتسجيليا في الدفاع عن ابناء عشيرته وتمجيد الجيد من مآثرهم وفعلهم وتأجيج طاقاتهم وتوجيههم بألق التوجهات الصحيحة التي يؤكد عليها العرف العشائري ضمن عاداتهم وتقاليدهم كالرقص والكلام الارتجالي والغناء هذا ما وصفه الشاعر عزيز السماوي في احدى كتاباته في هذا المجال :
الشاعر عبد الله الدفار السلطاني
حميتو احدودكم بالسيف من جان الحجي وغيره
ولساع المجد لساع الكم شاد تقديره
الله اشكال بالقرآن وشنهو جان تفسيره؟
“المايتحزم للعز ..عز الوادم ماتنطيه ”
هذا ما لمسناه عند الشاعر الذي نقرأ عنه هذا الحديث هو الشاعر الراحل عبد الله الدفار السلطاني المولود العام 1917 في قرية العوادل احدى قرى أرياف مدينة المدحتية عاش وترعرع على يد ابيه الذي كان شاعرا وجد ابيه هو (مهجهج ) كان رئيس قبيلته في ذلك الوقت وكان من شعراء عصره .
الدفار عبد الله انه من عائلة تعاطت الادب الشعبي بكل فنونه تعلم القراءة والكتابة على يد (الملالي ) انذاك فكان شاعرا متمكنا سريع الارتجال في الفنون الشعرية الاخرى ، فكانت اكثر أهازيجه يقولها ارتجالا فشاعت شهرته الواسعة في محافل العشائر حتى اصبح في طليعة شعراء الهوسة .
ومن خلال ملازمته لكثير من شيوخ العشائر ، حذا شاعرنا الدفار حذو من سبقوه في ايام المعارك التي خاضها ابناء شعبنا العراقي في العشرين فأثرت الهوسة في وجدان كل شاعر حتى استمر الشعر بالتمجيد والتخليد لهذه الثورة وقادتها كلما مرت ذكراها السنوية على ابنا ء الشعب اذا اخذ يقول (الدفار) بهذه المناسبة وهو يستذكر السيد كاطع العوادي احد قادة ثورة العشرين المجيدة اذ اخذ يقول :
(انشد والعظمى اتكلك .. سيد كاطع سوه انذار )
وكذلك انشد للشيخ عبد الواحد الحاج سكر يقول :
(وحيد هذا وحيد صار احزام بحلك الطوب ) والشاعر عبد الله الدفار لم تقتصر تجربته فقط بكتابة الهوسة بل كتب كل فنون الأدب الشعبي وفي كل أغراضه الشعرية ، الغرامية والاجتماعية وفي الاخوانيات منها اخذ يصور العلاقات الاجتماعية بين الشعراء وبينه ويعبر فيها عن حبه وفاءه له كما نلاحظ في السطور التي كتبها شاعرنا الدفار لصديقه الحميم شاعر الفيحاء عبد الصاحب عبيد الحلي متألما وشاكيا فيها والتي كتبها العام 1962 في السجن :
يصاحب خابت اضنوني
من كومي واهل ودي
مثل ماخابت أظنونك
اوصارت عندك وعندي
* * *
صارت عندك وعندي
وانت المثل مو ناسيه
صحيح اللي اهو ما شاف
بالمنخل عمه اليعميه
يصاحب منهو الوافاك
من امسوي جميل اعليه
اريد بحك تصارحني
وعلى المعقول ترشدني
يصاحب كوم باصرني
ياحظ يانديم انصير
وكلي بيا درب تهدي
* * *
واخيرا سكت قلب الشاعر الدفار العام 1971 اثر مرض لم يمهله طويلا ، فبرحيله فقد ادبنا الشعبي العراقي وكل الناس من عارفيه ومحبيه شاعرا مبدعا في الهوسة والقصيدة الشعبية العراقية .








