ثقافة شعبية

عـبـــــد الـرضـــــا الـفـريــجــــــي ….. رحلـــــــــة عـطـــــــــاء

عـلـــي المفــوعــــر

 

طفولتي غريبة بعض الشيء كنت بعيدا عن ألعاب الصبيان وقليل الأصدقاء رغم أن سكننا في مدينة الثورة (الصدر) المكتظة بالسكان والصبية المنتشرين في الأزقة وشوارع المدينة الفقيرة وهم يمارسون الألعاب الشعبية الجميلة وكنت أقضي أغلب الأوقات في مجالسة أبي ومرافقته وقد أصابتني الحمى الشديدة بعد عودتي من المدرسة ولم أجد أبي الذي كان مسافرا الى محافظة بابل لأحياء مهرجان شعري كان ذلك العام 1989 ومنذ ذلك الحين وأنا مولع بالأدب الشعبي وقد أستمعت وقرأت لكبار الشعراء وأنا أبن 10 سنوات وكان مضيف والدي الشاعر والباحث الفلكلوري الحاج عبد الحسن المفوعر السوداني منتدى للأدباء والشعراء وقد تأثرت كثيرا بشاعر يمتاز بعذوبة كلامه وخفة روحه وملابسه الأنيقة حتى كنت أتصوره نجما سينمائيا وعندما يقرأ قصائده وأبوذياته تسحرني طريقته في كتابة الشعر ومفرداته الرائعة لم يستعمل الشعر كمهنة يمدح به هذا أو يذم ذاك وخير دليل على ذلك قصائده التي تتحدث دائما عن الرجولة والشهامة والصدق وقال في الموال :

آه يــازمانــي الـراح منك شـرجع شــرد

هســه العكل والذهـن مبخوت مني شـرد

صار الحجي بوجهيــن كلي شكولن شـرد

ولو حافظت عالبخـت كالو مسـودن عكل

حيف البخت عد ناس لبسـو شطافي وعكل

تحسب بعض منهم متروس غيـره وعكل

وبيــوم جار الوكـت لفلف عباتـه وشــرد

أنه الشاعرالكبيرعبدالرضاالفريجي (أبوعلاء) المولود العام1953 في بغداد بعد نزوح والديه من محافظة ميسان بسبب العوز وظلم الأقطاعية أنذاك ليسكن والده في منطقة (الشاكرية) ويمارس وظيفته في سكك الحديد أكمل شاعرنا عبدالرضا الفريجي الدراسة في معهد الأدارة والأقتصاد قسم المحاسبة لينتقل بعدها الى الكلية لأكمال دراسته ألا أن الظروف الصعبة أرغمته على ترك الكلية في السنة الثانية ليشق طريقه في الأعمال الحرة والتجارة ولم يشغله شاغل عن نظم الشعر وكان بارزا في كل المهرجانات الشعرية ونال العديد من الجوائز والشهادات التقديرية بدأ حياته الشعرية متأثرا بالحاج زاير وملا منفي عبد العباس ولشاعرنا الفريجي العديد من الدواوين المطبوعة ومنها :

1ـ صخر جلمود

2ـ فاتنتي 

3ـ عتاب وشوك

4ـ هداوة ليل

5ـ محبوبتي والعراق

6ـ المجموعة الشعرية

أنتقل للعمل والأستثمار في سوريا ليخفق قلبه وتنشد قصائده متغزلاً بالجمال الشامي الذي سرق قلبه ليعيش قصة حب جميلة في دمشق حيث قال في قصيدته (حبة التوت )

    يـامنحـوت ســـبحان الـذي ســواك

مرســــوم الشفايــف والوجه منحـوت

    وبحالي أعلى كيفك موبحالي تجور

أحــــبـنك حبـيبـي وبــعلات الصــوت

    يـاصلب المواقف ياصخـر جلمـود

تـخلــي النار بيه وتـنسـحب بـسـكوت

    يـاعينك تـرافه ووجـه حور العيـن

وشــفايـف عسـل واللون لـون التــوت

    ياصوت الأنوثه الهمس بالنظرات

وتثير أشتياقي وخاف روحـي تـــموت

   ما أحـمل أفـراكك لا أطيــق أبــعاد

روحي بحضن روحك عالشماته تفوت

   يـا ألماز يـا در يـا ذهـب تيــزاب

يـاحـليـه رقيـقـــه أمـصنعه بيـاقــــوت

   جاوبنـــي أضمك وين ماتنشاف

وأظل أحرص أعليك بحضني المبخوت

   روحي تروح مني بسبب وبفركاك

تطلع من جسدهه الخيط بس مسلوت

الأم في حياة شاعرنا عبد الرضا الفريجي كما يقول (كانت ملاذي الأمن ورغم أني كنت في الخمسين من عمري عندما رحلت أمي الى رحمة العلي القدير ألا أن رحيل أمي جعلني يتيما وغريبا وقد كتبت لها قصيدة بدموع العين ومنها هذه الأبيات):

   شحلات الصوت يمه من تلولين

بس أغفه أعلى أيدج موش نعسان

   أيـدج أيـد رحمه مـن تـمسحيـن

على راسي أطيب وحيلي نكظان

   أحس جدرج محنه من تطبخين

متروس بعوافي أشكال وألـوان

   وحك خبزج ييـمه من تخبزيـن

أكل العافيـــه مـو أكل رغـفـان 

   يـاكعـدة الباب ومـن تـنطريــن

لمـن نرجع تهود وتغفه الأجفان

   حصيره وباريه الكوسر تفرشين

ترشـينـه أبـفرح ويصيـر بـستان

   وحياة كوار راسج من تجبليــن

يميـل الجتف بيــه وجـدم تـعبان

   أضل أحلف براسج كرة العيـن

بشيلتهه والجرغد لون الأحـزان

   دوشك ريش بمخاده وتخيطيـن

بحنيــن ويـدفـه الجان بـــــردان

   يــاكانون موكد مـن تشعليـــن

بيه طابك وسمجه ومشوي كطان

   اذا جارج يغـثنـــه وما تغثيــن

التسامح والعفو والطيبـه عنوان

   لهسه الصوت أسمعه شلون تنعين

نعاوي الفاكده الماظلو أخوان

   بشفاعة حيدر ويم بطل صفين

يشفعلج الباري ورب الأكوان

وأنا أكتب عن حياة ومنجز الشاعر عبد الرضا الفريجي تذكرت تلك الأيام الجميلة التي كانت تجمع كبار الشعراء في بيتنا ومنهم( ملاجاسم الزيدي والحاج نعمة الفريجي وثابت السوداني وعلي الكعبي وعبدالرحيم الجابري) وكثيرين لايسعنا ذكرهم رحم الله الراحلين وأطال في عمر الباقين ففي تلك الأيام كانت جلساتهم تستمر الى بزوغ الفجر وفي أحدى الليالي كان والدي عبدالحسن المفوعر السوداني بوعكه صحيه وجالسا الى جنبه رفيق عمره ملاجاسم الزيدي(رحمهم الله) وأذا بمكالمة هاتفية تخبره عن أصابة الشاعر عبد الرضا الفريجي بعيارات ناريه نقل على أثرها الى مستشفى الخيال فطلب مني والدي بالذهاب صباحا الى المستشفى للأطمئنان على صحة الشاعرعبدالرضا الفريجي وقد أرسل والدي وملا جاسم بيتان من الأبوذية اليه :

قال عبدالحسن المفوعر(رحمه الله):

ألغيرك مايروم الكلب يرماك

وغلط لوعادلت بالتبر يرماك

أشحده الكابلك وبغيظ يرماك

أخو الكوشه وعرفك ليث فيه

وقال ملاجاسم الزيدي(رحمه الله):

شفيه أنت وعليك الحيل ينهد

ومن عيني عبيط الدمع ينهد

القدر كونه جمع وعليه ينهد

أخل الروح جدامك ضحيه

وعند وصولي الى غرفة رقود الشاعر عبدالرضا الفريجي التي كانت مكتظة بأصدقائه ومحبيه وبعد السلام قرأت له بيتي الأبوذية ورغم ألامه ومعاناته ألا أنه أبى أن أعود الى والدي والملا خالي اليدين فكتب بيتين من الأبوذية لأعود بهما الى والدي والملا حيث قال عبدالرضا الفريجي:

لون صدر بصدر لاباس برماه

وصديجك بالملاوه جان برماه

وين يروح ألحكه بسمه برماه

بمثل طكتي أعوكنه بديه

جنت واكف يملا أنصبت ماهاد

أجلب الليل جرحي مجيد ماهاد

بس هدني يوكتي يزي ماهاد

أمرادف كل سنه يطكني بليه

قد يهمك أيضاً

استضافة وتصميم: شركة المرام للدعاية والإعلان