ثقافة شعبية

كــان بحــق صوتــا مؤثــرا لــه مريــدوه

 كاظم السيد علي

 

مدينة الديوانية .. مدينة فراتية خالدة أنجبت نخبة طيبة من رجال السياسية والأدب بلغتيه الفصحى – والحسجة عبر السنين والأعوام المنصرمة ، ومازلنا نفتخر بآثارهم وإنتاجهم الأدبي ، فمنهم من رحل ومنهم مازال حيا يرفد مسيرة الشعر بعطائه الثر ، فالكثير من محبي هذا الأدب وبعض من شعرائنا الشباب اليوم ، يجهلون هؤلاء الذين رحلوا ولم يعرفوا حقيقتهم ومسيرتهم الذاتية وبعض انتاجاتهم الشعرية ،والشاعر الراحل لطيف حسين واحدا من هؤلاء .. ولد العام 1938 وتتلمذ في مجال الأدب على يد الشاعر الكبير السيد عبد الحسين السيد عوزي .. فنضجت شاعريته .. وراح يقرض الشعر الشعبي بأغراضه وفنونه حتى تجددت أفكاره ، وأصبح مجددا منتميا إلى شعراء المدرسة الحديثة للشعر الشعبي العراقي وكان بحق صوتا مؤثرا وله مريدوه لكونه من الشعراء الذين عرفوا بوطنيتهم ومن المثقفين الذين ساهموا مساهمة فعالة في قضية شعبنا ومتفاعلين مع الحياة ومعطيات تطورها فما كان مهرجانا شعريا او مناسبة تمر دون ان يسهم فيها بنشاطه الشعري الدائب .. فالشاعر الشعبي يتأثر بالواقع المعاش ويتفاعل معه ويستلهم منه الكثير ليترجمه في انتاجه الشعري وليقدم الى المتلقي عطاءا شعريا مثمرا ومتميزا ..كما نلاحظه عند شاعرنا لطيف حسين في قصيدة شنيار الشهادة التي ساهم في المهرجان القطري الثالث والمنعقد في مدينة العمارة العام 1970 والقاها نيابة عنه (سعد ناجي )  يقول فيها : 

ازغر وانته تكبر ريح 

يمه العازاتج شبينه 

يلنبت شكول كصيل ؟

يحضن المدخن كلبهم 

انه تانيتك حصاد 

يمه تانيتك دفو بريسم 

على خصور الحرير 

ونته لسه تحوم لسه 

عرضك ابيض  ..

يلفتت شاهينه خرسه 

هذا وقد تأثر بشعره شعراء كثيرون من ابناء مدينته آنذاك . 

نشرت له الصحف والمجلات العراقية ونالت قصائده الشهرة بين اصدقائه والمجتهدين من طلابه في ذلك الوقت لتجديده في هذا المضمار بالقصيدة الحديثة ولكونه مؤثرا في الساحة الثقافية ونحن نرى تأثيره بوضوح في اعمال شعرائنا المبدعين وفي مقطوعة يقول :

وتحركت كل نسمة بجروحي دوه 

اولاويت رمحك مالتوه 

تاكلني نيرانك حطب 

وانه بنيرانك هوه 

لم تقتصر تجربته بالشعر الشعبي ، بل له في الشعر القريض بعض القصائد والمقطوعات .. حيث تاثر في هذا المجال بالشاعرين الراحلين عبد الامير الحصيري وحسين مردان ، إلا ان الشعر الشعبي كان الصفة الغالبة على كتاباته وذلك لعشقه هذا الادب الذي لم يفارق عشق الفكر الذي نهل منه كل السجايا ..الذي عرف بها (لطيف ) الشاعر والانسان والمناضل .. والمربي في هذه الرائعة التي كتبها في وصفه وذلك لنضاله الطويل والذي قدم خلاله ازكى الدماء التي ارخصها في سبيل الفقراء والعمال والفلاحين من أبناء هذا الوطن ألاف الشهداء الأبرار .. من اجل ان يكون ابنائه سعداء وان يكون حرا بأبنائه . : 

يلتنعشك بيك الشمس 

وصفوك بالقداح عطرك ينلبس 

وانه بهواك امنيه .. وضح الشمس 

بعدها يعرب عن شوقه في ثنايا هذه السطور التي نقف عليها : 

لوحه !! وبراهه الروج ..

دولبه القدر 

هدمه !! اعله مد الريح دمرهه السهر 

مهجه ابطرك ونات احناهه الدهر 

يمته يصحيك الوكت ؟ 

وتشوفني ماظل عذر 

يمته يمر بيك الحزن ؟

وانه الجزر بيه عبر 

ابيا نسمه روحك حدرت 

وتعذرت ماتعتذر 

ياوسفه عينك كابحت 

وتشوفني اباخر نظر 

وأخيرا حيث وافاه الأجل المحتوم .. اثر حادث سيارة مؤسف العام 1971 وانطفأت شعلته .. وتوقف قلبه النابض بالحب .. لشعبه ووطنه ومبادئه .. فانطوت برحيله صفحة مشرقة من صفحات الادب الشعبي العراقي الحديث ، حيث أقيم له حفل حاشد بمناسبة اربعينيته اشرف عليه زميله الشاعر علي الشباني .. تقديرا لعبقريته وسمو أدبه .. وشارك فيه جمع غفير من شعراء العراق ساهموا بقصائد الرثاء بحق شاعرنا الراحل وفي مقدمتهم الشاعر عريان السيد خلف .. قدم قصيدة يحاكي رفيق دربه نقطتف منها : 

جا هيه المنايا

بغير شوف تحوم ؟ 

لو حجي القصائد ينده الغافين !!!

جنت امتد قصيدة .. وجنت اكلك كوم 

الذكر الطيب .. لرفيقنا الشاعر .. لطيف حسين

قد يهمك أيضاً

استضافة وتصميم: شركة المرام للدعاية والإعلان