ثقافة شعبية

يمغيــــزل الحــــكـ ربعـــــك

كاظم غيلان 

 

تزخر أمثال أهلنا الشعبية بدلالات عميقة تمنحنا القدرة على السخرية من تدهورات زماننا الحاضر، واتمنى من القارئ الكريم جداً ألا يفسر عنوان مادتي بالتشفي من بعض الملوك والرؤساء العرب الذين سينتظرهم اشقاؤهم الذين غادروا عروشهم بعد ان  لفظتهم شعوبهم بطريقة الانتفاضة وليس الانقلاب.   الحكاية وبما فيها ان (مغيزل) وهو مصغر(مغزل) احد رجال قريتنا الجنوبية، سيق للخدمة العسكرية الالزامية والتي يطلق عليها (الاجبارية) في خمسينيات القرن الماضي، وكان الرجل (من أهل الله) لايجيد القراءة والكتابة ونادراً مايزور المدينة، اعتقاداً منه بأن (الولاية اتخرب الاخلاق) وقد التحق (امغيزل) بمركز تدريب لصنف المشاة، وفوجئ بمصطلحات ما انزل الله بها من سلطان، بات مندهشاً أمام عادات وتقاليد الطاعة (العمياء) لضابط الصف، فهو الآمر والناهي، وهو الكل بالكل، لكن المشكلة المعقدة التي واجهت(امغيزل) كانت تبدأ في الصباح الباكر حيث  يبدأ التدريب الصباحي، وهنا سمع ولأول مرة بايعاز ينص على (وازناًهرول) وهو الايعاز الذي يقضي أو بالأحرى يأمر جنود السرية بـ(الهرولة)، الا ان (مغيزل) وقف صامتاُ مذهولاُ لايدري ما الذي يفعله، حتى اشتاط العريف غضباً وأمسك به صارخاً: (امغيزل ليش ماتلحك ابربعك.. مو كاعد اكول وازناً هرول) فأجابه بعفوية ابن الريف (والله هاي رطينه شنهي وازناً؟) فوضع العريف أمام الأمر الواقع وراح يشرح له المعنى الا انه لم يستوعب حتى الشرح، وبعد أن يئس من اقناعه وصل الى حل المعضلة فهمس له: (راح اكول وازنا هرول وأعقبها بكلمة يمغيزل الحكَـ ربعك) وهنا تنفس (مغيزل) الصعداء، وفهم ما يريده منه العريف، وبدأ يتقن تنفيذ الايعاز ويهم باللحاق بجماعته من جنود السرية التي من المؤكد بأن نيران الحروب العراقية قد التهمت معظمهم لأننا (مشينه للحرب) منذ وقت طويل، وفتوحاتنا وبدون حسد لانهاية لها.

 
 

قد يهمك أيضاً

استضافة وتصميم: شركة المرام للدعاية والإعلان