ثقافة شعبية

المكتبـــة العامـــة فـــي ســـوق الشيــــوخ

صالح الحمداني

 

المكتبة العامة في سوق الشيوخ كلما ذهبت الى ” الثكنة ” وهي السراي القديم الذي يحوي – من ضمن ما يحوي – على أكثر الدوائر الحكومية كراهة على نفسي وهي دائرة تجنيد سوق الشيوخ، مررت على واحدة من أهم معالم مدينة سوق الشيوخ، وأكثر البنايات الحكومية قدما ً وهي المكتبة العامة في سوق الشيوخ. لطالما إنتبهت الى شبابيكها الكبيرة، وبابها الخشبي الضخم، الذي يذكرني دائما بباب مسرح « ممتاز قصيرة « في كلية التربية في الأعظمية، المرازيب الدائرية الضخمة ما زالت على شكلها القديم منذ أن أسست هذه المكتبة العريقة العام 1957. واليافطة الخشبية التي تعتلي واجهة البناية كتبت بخط النسخ، وبدا كأنها ذات القطعة التي وضعت في أول يوم افتتاحها لفرط قدمها ! يفتخر مثقفو سوق الشيوخ بأن مكتبتهم تأسست قبل تأسيس المكتبة المركزية في جامعة بغداد التي أسست العام 1959، ويصر أغلبهم على أن هذه المكتبة كانت تعج بالطلبة وعشاق القراءة والباحثين والشعراء والكتاب في الخمسينيات والستينيات والسبعينيات وحتى الثمانينيات، ولكن عدم اهتمام الجيل الحالي بالكتب، وتوفرها في الانترنت بالنسبة للمهتمين، جعل من رواد هذه المكتبة يهبطون الى أقل مستوى. يحدثني الشيخ أحمد العيال وهو واحد من شيوخ العشائر المعروفين في المدينة، وأحد التربويين في مدارسها بانه يتذكر في أيام شبابه، كيف كان يقف في طابور طويل لكي يدخل للمكتبة، التي يبكر الكثيرون في الوصول لها لكي يحصلون على الكتب التي يرومون قراءتها أو استعارتها قبل غيرهم. حال المكتبة اليوم ليس على مايرام، فالبناية مهملة تماما، وأكثر من غرفة فيها تعرض لسقوط السقف بشكل كلي أو جزئي، لذلك فقد قررت الحكومة المحلية في سوق الشيوخ هدم هذه البناية بالكامل، وإعادة تشييدها من جديد، وبطريقة حديثة، وبتصميم وأثاث يليق بهذا الصرح العريق الذي يفخر فيه أغلب سكان هذه المدينة المهملة منذ عقود.  الموظفون في المكتبة، قاموا باستقبالنا بصورة جيدة، لكنهم رفضوا – بلطف بالغ – أن نصور القاعات المدمرة، خوفا من أن تجر لهم هذه الصور مشاكل هم في غنى عنها، خاصة أنهم قاموا برزم كل الكتب، والسجلات، والفهارس، استعدادا للانتقال لمكان بديل، حتى يكتمل هدم وإعادة بناء المكتبة وتأثيثها بالكامل. يحدثني أحد موظفي المكتبة، بأنهم يأملون باضافة مكتبة رقمية كاملة، للمكتبة الحالية لمواكبة التطور الذي يحدث في كل العالم، وليزداد عدد الزوار والطلبة والباحثين، لكنه غير متأكد تماما من موعد إكمال بناء المكتبة. رواد المكتبة في الاشهر القليلة الماضية لا يتعدون أصابع اليد الواحدة، وجلهم من طلبة الدراسات العليا، ممن يجدون في المكتبة المصادر والمراجع التي يحتاجون اليها. في المكتبة نحو ٤ آلاف كتاب، أغلبها من الكتب النادرة والقديمة، لذلك فهي تشكل أحيانا مصدرا يجذب العديد من الطلبة والباحثين. عانت المكتبة من النهب في العام 1991 وأعيد جمع الكتب لكن الكثير منها قد فقد. وقبل فترة أهدت واحدة من المنظمات الإنسانية المكتبة 150 كتاباً في مختلف المجالات. مكتبة سوق الشيوخ معلم مهم من معالم مدينة سوق الشيوخ التي انشأها شيخ المنتفق الامير ثويني بن عبد الله في العام 1780، وهو معلم مهمل شأن المدينة، وعلى الحكومة المحلية الانتباه لهذا المكان المهم، والاسراع في إعادة بنائه وتجهيزه بالاثاث المناسب.

 

قد يهمك أيضاً

استضافة وتصميم: شركة المرام للدعاية والإعلان