دينا الطائي
أصدقائي
من تبقى منكم
يكفيني لكي أعيش الوجود
و الوجود نفسه
تكفي لكي أعيش دهراً
و مئات المدن
تكفي لكي أعطي
للفكرة جسم السوسنة
و لكي أسكن أرض رجل من أحب
فنمضي نحو بحر ما
و يعطيني على ركبته
مفتاح كل الأمكنة
أصدقائي
من تبقى منكم
يكفي لأن أحيا حياتي كلها !
دفعة واحدة
أو قبلة واحدة
و عناقا واحدا
يقضي على كل الأسئلة
و على لغز اختلاط الأزمنة
أصدقائي
لا تموتوا بعدي
رجاء لا تموتوا
انتظروني سنة أخرى !
سنة أخرى فقط !
ربما ننهي حديثاً بيننا
قد بدأ
و رحيلاً قد بدأ
ربما نستبدل الأفكار
بالسير في أروقة الشوارع
ساحة التحرير
رضا علوان
نازك الملائكة
و حزبنا
و الرفاق و الأصدقاء
و أخواتي قبل رفيقاتي
و أمسياتنا و أفراحنا
أحراراً من الساعة و الرايات
أصدقائي
لا تموتوا قبل أن تعتذروا
من كل وردة لم تبصروها
و بلاد لم تحرروها
و أن تعتذروا من باقي الأرض
لماذا تشبه الأرض السفرجل
و حرمان المحبين
و نهرا من قرنفل؟
و لماذا عرفتموني
عندما متُ تماماً؟
أعلِموني !
أصدقائي
جثتي جاثية دلت علي
الا الروح أعدتها اليكم
فاحتفظوا بها كرماد المدخنة
ذكرى الصداقة و المحبة
و أحبوني قليلا
و انتظروني
لا تموتوا
لا تنصرفوا عني
أحبوني
لكي نشرب هذا الكأس
فأنا في حيرة من أمري
ما الذي سأفعله بعدكم
ما الذي سأفعله
بعد الجنازات الأخيرة؟
و لماذا أعشق الأرض
و هي التي تسرقنا
لمن سأحمل همومي؟
لمن سأترك كتفي ليبكي؟
لمن سأترك ضجري اليومي؟
من يسند ظلي على حائط ظلي
إن انصرفتم عني؟
من سيأتي بي الى نفسي
و يرضيها بأن تبقى معي؟
لا تموتوا مثلي
و لا تنجروا الى سفر المراثي
و طقوس العبرات المدمنة
ليس لي قلب غير قلبي
الذي عرفتموه
لأرميه عليكم كتحية
ليس جسمي لي
كي أصنع تابوتاً جديداً
و وصية
ليس صوتي لي
لكي أقطع المدن
حين أشتاق لكم
و حتى للحيطان
اذ تشتاق للأعشاب
إرحموني أحبتي
إعذروني
لا تنصرفوا عني
ليس لي وجه لهذا الفراق
و المسافات عناق
لا تذهبوا بعيدا
لأرى ورودكم
من أولها
لأولها
سنة منكم
تكفي لأحيا حياتي كلها
دفعة واحدة
سنة أخرى
سنة أخرى
سنة فقط …