ثقافية

يمامة بغداد.. رواية من صُلب الوجع العراقي

 د. عزيز جبر الساعدي

في تجربة روائية جديدة، ينتقل الشاعر المعروف شلال عنوز من فضاء القصيدة إلى عالم السرد الروائي، ليقدّم لنا عملاً أدبيًا يحمل عنوانًا دالًا: “يمامة بغداد”، وهو عمل يمكن وصفه بأنه مرآة للواقع العراقي المعاصر، بلغة سردية تمتاز بالوضوح والعمق، وتمسك بالقارئ حتى الصفحة الأخيرة.

الرواية ليست مجرد حكاية، بل توثيق إنساني-اجتماعي لمرحلة مريرة من تأريخ العراق الحديث، بلغة لا تخلو من العذوبة الشاعرية التي اعتدنا عليها في كتابات شلال عنوز الشعرية. وهو بذلك لم يغادر لغته، بل وظّف أدواته الشعرية لخدمة السرد، فكان النص غنيًا بالمجاز، واضحًا في الفكرة، وعميقًا في المعنى.

يمامة بغداد…حنان ليست فقط اسمًا لأنثى في الرواية، بل هي رمزٌ لوطنٍ يُنتهك*، ورمزٌ للأنوثة في مواجهة الوحشية، للحب في زمن الخيانة، وللصدق في محيط الزيف. شخوص الرواية تمثل شرائح مختلفة من المجتمع العراقي، وقد جسّد الكاتب ببراعة *الصراع الأزلي بين الخير والشر، وبين الطموح النقي والطموح الملوّث بالخداع.

كما أن الرواية لا تغفل الجانب الوعظي، ولكن بأسلوب غير مباشر، يمر عبر المواقف الإنسانية والقرارات الصعبة، مما يمنح النص قيمة أخلاقية دون أن يسقط في المباشرة أو الخطابة.

 ورغم كونها ثاني تجربة روائية  بعد رواية ( وكر السلمان ) منشورة للشاعر شلال عنوز، إلا أن تمكنه من أدوات السرد واضح، وبناءه للحبكة محكم،* مما يجعل الرواية مؤهلة لأن تُحوّل إلى عمل درامي تلفزيوني، نظراً لما تحمله من تشويق، وأحداث نابضة بالحياة، وشخصيات واقعية يمكن للمشاهد أن يرى نفسه فيها.

في “يمامة بغداد”، يعيد شلال عنوز الاعتبار للكتابة التي تنبع من الألم لكنها لا تنكسر، من الحب لكنها لا تستسلم، ومن الخسارات لكنها لا تتخلى عن الأمل. تحية لهذا الصوت الأدبي الذي استمر في تغذية الوعي والجمال رغم العواصف.  وأمنياتنا للأديب الشاعر شلال عنوز بدوام التألق في مجاله الشعري والسردي معًا.

قد يهمك أيضاً

استضافة وتصميم: شركة المرام للدعاية والإعلان